إن وجود آراء قد يكون ضروريًا لرفاهية الشخص. كما يجب أن يكون لدى الشخص آراء خاصة به ولا يمكن أن يحترم نفسه بدون آراء تحدده وتعرفه فـــ “التذبذب، أو اللامبالاة، أو الآراء الضعيفة ” صفة للسيد بيدرسون وقد قوبلت من قبلنا منذ فترة طويلة بمنتهى الازدراء، في حين أن القبول والإعجاب لم ينلها حتى من قبل من مثّلهم. وفي أدبيات السياسة يعرف عن نظرية الخطوة بخطوة أنها ((الآراء عالية الجودة لأنها مستقرة ومتسقة ومستنيرة ومرتبطة بالمبادئ والقيم المجردة)) ويبدو ان السيد بيدرسون لديه آراء متدنية الجودة تجاه القيم الديمقراطية الأساسية.
يظن السيد بيدرسون أن هذه التغييرات (غالبًا ما تكون صغيرة) في عرض قضية أو حدث ينتج عنها تغييرات (كبيرة في بعض الأحيان) ومن يعرف مسارات بيدرسون يُدرك التقلبات الدراماتيكية التي مر بها وهنا نشير إلى أن الآراء المطروحة من قبله سطحية للغاية بحيث لا يمكن أن تشير إلى التفضيلات العامة للشعب السوري.
في المقال الماضي حاولنا أن نشرح كيف خطة بيدرسون الجديدة الخطوة بخطوة هي خارج كل السياقات الأممية التي يمثلها الرجل، وتتعارض مع قرارات مجلس الأمن، فما هي هذه الفرضية، وكيف يؤمن بيدرسون بنجاحها؟!!
الفرضية الرئيسية لنظرية (خطوة بخطوة) التي أعلنها بيدرسون وقال فيها “عن إمكانية طرح مقاربات جديدة تتيح إحراز تقدم في العملية السياسية بعد محادثات أجراها مع دول عربية وأوروبية والولايات المتحدة” هي نموذج توقع تقليدي وتصور مثالي للموقف في سوريا أو بعض الاعتبارات التي تتبادر إلى ذهنه ردًا على سؤال استطلاعي، دون تحديد جوهر المشكلة الحقيقية المتمثل بالحدث أو الفعل السياسي وعلى سبيل المثال لماذا يوجد لاجئين سوريين يتجاوز عددهم اكثر من ٥ مليون؟
وهذا إن دل على شيء فهو يدُل على أن السيد بيدرسون لم يجر اتصالاته بشكل كافي كما تحدث. وعلى كل حال فإن ذلك يرتبط بأخلاقيات العمل وحيادية الفاعل السياسي.
بيدرسون الذي تحدث عن حصوله على ” الدعم الصلب ” من قبل مجلس الأمن للمضي قدماً في خطته لتحديد خطوات تدريجية، ومتبادلة، وواقعية، ومحددة بدقة، وقابلة للتحقق منها، تُطبق بالتوازي” بين الأطراف المعنية بالأزمة السورية، وصولاً إلى تطبيق القرار الدولي 2254، قد تكون جولات أستانا الستة والخيبة التي نتجت عنها قد دفعته للعمل ليلاً نهاراً على إيجاد الفانوس السحري الجديد المتمثل بسياسة خطوة بخطوة. متصوراً أنه يستطيع أن يفرض توراته وإملاءاته على الجميع، دون البحث عن بدائل من أجل التوافق بين الاعتبارات المتضاربة، كما ينوي الانقلاب على اللجنة الدستورية أو اعتبارها مسار مواز آخر ونتائجها تصنف على شكل (اللاورقة) مقابل أن يعمل نظام الأسد على تغيير سلوكه بشكل تدريجي.
وهكذا يبدأ بيدرسون بتحريك المياه الراكدة التي تؤدي إلى استعصاء في الحلول السياسية في ظل تعقد المشهد الجيوسياسي مما سيدفع بالمعارضة إلى الاستسلام والشعور باليأس من الواقعية السياسية الدولية ويتم التحايل على القرار ٢٢٥٤ وإيجاد مخرجات تتوافق مع توجهات روسيا والأسد، ومن خلال خطوات بيدرسون الافتراضية المتغيرة بشكل مستمر يستطيع أن يضع العصي في عجلات المعارضة السورية ليصل إلى التغييرات المطلوبة مع حجة تطبيقها بعيداً عن القرارات الدولية.
يسعى بيدرسون إلى وضع حجر البناء في زاوية النظام، نحن نعلم ذلك ولكن من المفيد معرفة خطواته القادمة، فنحن كمعارضة وقوى ثورة جميعًا على دراية بمصطلح “خطوة بخطوة” وإذا ما طُلب منا تحديد هذا المصطلح، فيمكننا الإدلاء ببيان مثل ما يلي (حرية تكوين المنظمات والانضمام إليها ـ حرية التعبير ـ حق التصويت ـ انتخابات حرة ونزيهة ـ مؤسسات وطنية تَصنع السياسات الحكومية بناء على الأصوات وغيرها من أشكال التعبير عن الأفضلية) لا دولة تُحكم بتجار المخدرات وأمراء الحروب وسلب الإنسان وتجريده من كل حقوقه حكومة الأسد أنموذجاً التي كانت امامك أثناء زياراتك لدمشق.
لذلك قبل تنهي ورقتك البحثية يا سيد بيدرسون تحتاج إلى إجراء مراجعة لأدبيات السياسة والتعلم والتحليل قبل كتابة مشروعك الأخير.