دار السلامة.. صرخة مسنين تائهة في مهب الإهمال

عبد الله بركات

في مدينة إعزاز السورية، خلف أبواب دار السلامة لرعاية المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، تُكتب حكايات عن الألم والمعاناة، حكايات 42 نزيلاً تقطعت بهم السبل في الحياة.

بين جدرانها، يعيش مصابون بجراح الحرب، ومعتقلون سابقون أنهكهم السجن، ومرضى لا يستطيعون الحركة أو الاعتماد على أنفسهم.

هؤلاء النزلاء، بينهم أربعة عاجزون عن تناول الطعام دون مساعدة، وآخرون يحتاجون إلى غسيل الكلى ورعاية طبية يومية، وجدوا في هذه الدار حضناً دافئاً يحميهم من التشرد. لكن هذا الأمان المرهف مهدد بالانهيار بسبب قرار منظمة “آفاد” بترحيل مخيم السلام، حيث تقع الدار، إلى مخيم جديد في مدينة صوران، مؤلف من شقق سكنية لا تتناسب مع احتياجات النزلاء الخاصة.

اقرأ ايضاً: ما حقيقة إنذارات الإخلاء في كفرسوسة في دمشق؟

“حلّوا الأمر بأنفسكم”، كانت الجملة القاسية التي سمعتها إدارة الدار من مسؤولي المنظمة عندما اعترضوا على القرار. منذ ذلك الحين، تعيش الدار في سباق مع الزمن، تتواصل مع المنظمات الإنسانية والجهات الحكومية، لكن الاستجابات لا تتعدى تقديم دعم محدود بالكاد يغطي احتياجات التدفئة.

السيد نزار نجار، مدير ومؤسس الدار، عبّر عن يأسه وحسرته في حديث صحفي. منذ تأسيس الدار في عام 2013 بمبادرة شخصية، اعتمدت بشكل كامل على تبرعات أهل الخير والزكاة، لكنه الآن مدين بأكثر من 200 ألف ليرة تركية لتغطية احتياجات النزلاء الأساسية. وأضاف أن الكشف على المخيم الجديد الذي سُمي “مخيم الأمل” أظهر عدم ملاءمته، حيث إن الشقق السكنية غير مجهزة لتلبية احتياجات المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، مما يزيد من معاناتهم.

وفي اجتماع مغلق عُقد اليوم مع المجلس المحلي في المدينة، كانت مخرجات الاجتماع الأخيرة هي أن يتم استئجار منزل بديل ليكون مقراً جديداً للدار، لكن العائق المادي يقف كالسد المنيع أمام تحقيق ذلك.

اليوم، تُطلق دار السلامة نداء استغاثة. إنها ليست فقط دعوة لإنقاذ مبنى، بل إنقاذ أرواح لا تجد مكاناً آخر يأويها، أرواحاً عانت من الحرب والنسيان والقهر. هؤلاء المسنون والمشردون يناشدون أهل الخير والقلوب الرحيمة للوقوف بجانبهم وتأمين مأوى يليق بإنسانيتهم وكرامتهم.

هل سيبقى صوتهم خافتاً وسط صخب العالم؟ أم ستأتي يدٌ حانية تمتد لتُعيد لهم الأمل بالحياة؟

أخبار سوريااعزازالحكومة المؤقتةالنظام السوريدار السلامسورياعبد الله بركات