رحلة النفط من الآبار إلى إدلب

تقرير: أحمد وديع العبسي

بالتزامن مع أزمة المحروقات في إدلب وتبادل الاتهامات حولهاـ وادعاء البعض أنها بسبب توقف توريد المحروقات من مناطق سيطرة الجيش الوطني، قامت حبر بمجموعة من اللقاءات مع بعض المسؤولين عن تجارة ونقل النفط في الشمال السوري، فضل معظمهم عدم الكشف عن أسمائهم

 

بداية الرحلة، النفط في مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على معظم حقول النفط السورية في دير الزور والحسكة، وبحسب دراسات لمعهد الشرق الأوسط نشرتها وكالة bbc البريطانية تسيطر قوات سوريا الديمقراطية والقبائل المتحالفة معها في شرق سوريا على حوالي 70٪ من موارد النفط الوطنية السورية وعدد من منشآت الغاز القيمة”. فيما يسيطر النظام على بقية الحقول.

تقوم قوات سورية الديمقراطية بالتعاون مع الولايات المتحدة بعملية استخراج النفط وتخزينه، ويتم بيعه إلى مناطق سيطرة النظام السوري ومناطق سيطرة المعارضة السورية، وينقل عبر المعابر الرسمية بين هذه المناطق.

ولا يباع النفط السوري بالبرميل في هذه المرحلة، وإنما يباع بالطن، حيث يتم شراء النفط من قوات سورية الديمقراطية من خلال شركة خليفة التي تحظى بقبول ودعم القوى المسيطرة في مناطق الجيش الوطني، ومناطق الإدارة الذاتية، ويقوم على إدارة هذا الشركة شخص يُعرف ب (الجحيشي)

يباع النفط تحت اسم الفيول المعالج باحتراق واحد، ويصنف حسب جودته ومواصفاته إلى نوعين هما:

  1. خام رويس: حيث يبلغ ثمن الطن الواحد لهذا الخام 340 دولاراً أمريكيا
  2. زفت رويس: ويبلغ سعر الطن الواحد من هذا النوع 320 دولار أمريكيا

 

المحطة الثانية: مناطق سيطرة الجيش الوطني

في مناطق الجيش الوطني تتم معالجة الفيول عبر تكريره داخل الحراقات المحلية المنتشرة في المناطق القريبة من المعابر، وينتج الطن الواحد من الفيول بين 60 إلى 80 بالمئة من كميته الأصلية كفيول معالج صالح للاستخدام، بحسب جودة الخام الأساسي، والباقي يتحول إلى فحم رديء جداً، يستخدم في بعض الصناعات المحلية.

يتم تصنيف المازوت المعالج بعد عملية تكرير الفيول في الحراقات إلى ثلاثة أنواع بحسب جودته وهي:

  1. القرحة: أفضل الأنواع، يصل سعر البرميل منه حالياً إلى 102 دولار، ثم يضاف مواد معالجة بقيمة 5 دولار تجعله صالح للاستخدام في السيارات ليكون سعر البرميل النهائي 107 دولار
  2. الزهرة: نوع متوسط، يباع حالياً بحدود سعر تصل إلى 100 دولار للبرميل الواحد، وينتج عنه المازوت المعالج نوع ثاني، ويستخدم للتدفئة. وبعض أنواع المركبات والمولدات والمعامل.
  3. العويك: الأقل جودة بين الأنواع الثلاثة، يباع بين 85 و87 للبرميل ويستخدم للأفران والتدفئة للفقراء، لأنه يصدر بعض الروائح أثناء الاحتراق. ويسمى محلياً (العسلي)

أسعار البيع في مناطق سيطرة الجيش الوطني

الترسيم: يضاف إلى القيمة السابقة عن أفضل أنواع المازوت (القرحة) والتي تقدر اليوم بحوالي 107 دولار للبرميل الواحد 5 دولارات هي عبارة عن رسوم، ليصبح سعر البرميل في أسواق الجملة 112 دولاراً. ونفس ميلغ الترسيم أيضاً يضاف على الأنواع الأخرى.

يُقسم الترسيم بين ثلاث جهات كالتالي:

  • 2 دولار تذهب للمجلس المحلي في اعزاز عن كل برميل
  • 1 دولار تذهب لمجلس عفرين
  • 2 دولار تذهب لصندوق الفصائل

ويباع المازوت بالتجزئة في الكازيات بحوالي 115 إلى 118 دولاراً للبرميل، وعلى أساس هذا السعر يتم تحديد سعر اللتر الواحد.

 

المحطة الأخيرة: إلى إدلب

يدخل المازوت المعالج إلى مدينة إدلب بسعر 115 دولاراً للبرميل الواحد لنوع (القرحة) وبأسعار أقل للأنواع الأخرى حسب الجودة والطلب. ويضاف عليها ثلاثة دولارات أجور نقل عن كل برميل.

وفي معبر الغزاوية (المعبر الذي يفصل بين مناطق سيطرة الجيش الوطني ومناطق سيطرة هيئة تحرير الشام) يتم إضافة رسوم كبيرة جداً تصل تقريباً إلى 27% من ثمن برميل المازوت، وهي في الوقت الحالي 35$ يتم فرضها من قبل الشركة المتعهدة (وتد) سابقاً، وبإشراف مباشر من حكومة الإنقاذ وهيئة تحرير الشام. وبالتالي يصل سعر البرميل الواحد إلى 150 دولاراً

وهذا هو سبب الغلاء الكبير وفرق الأسعار بين مناطق سيطرة الجيش الوطني، ومناطق سيطرة هيئة تحرير الشام التي تشمل إدلب وما حولها.

وبحسب مصادر مقربة من شركة إمداد فإن مسؤول  الشركة زاهر أبو حسين عرض على المسؤولين عن المحروقات في المناطق الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام إيصال المازوت إلى إدلب معفى من الرسوم ب 115 دولار للبرميل الواحد ولكن الهيئة لم توافق. على هذا العرض مما عمق أزمة المحروقات التي يعيشها سكان منطقة إدلب وريفها وريف حلب الغربي.

وسبب عدم الموافقة كما يرى المصدر يعود لضخامة العوائد التي يحصل عليها متعهدو المحروقات في المنطقة وحصة الهيئة من هذه العوائد، والتي تؤثر بشكل مباشر على قوت الناس ومعيشتهم وأرزاقهم، حيث يتم استغلالهم بشكل مباشر وعلني وتحت تهديد القوة العسكرية.

وقد ارتكبت الهيئة أكثر من مرّة جرائم قتل في حق بعض من يقومون بتهريب كميات قليلة من المازوت (رجال ونساء وتمّت معاقبة بعض الأطفال أيضاً) من أجل تحصيل قوت يومهم أو من أجل التدفئة، حيث لا يستطع الشخص الواحد تهريب كمية أكثر من 20 لتر، وهي كمية قليلة لا تستحق هذه الملاحقة العنيفة جداً بين ضفتي منطقة واحدة.

كما تقوم حواجز الهيئة في الغزاوية بالتفتيش الدقيق للسيارات لمصادرة أي كمية زائدة في خزان وقود السيارة أو أي كمية يحملها أحد السائقين معه بسبب انقطاع المحروقات أو غلاء ثمنها.

وذكر أحد المصادر أن شركة وتد تم حلّها مؤخراً بسبب قضية اختلاس بلغت 155 مليون دولار، دون أي محاسبة للمتورطين، ودون تأمين البديل الذي يمكن ان يشرف على استيراد المحروقات سواء من المناطق السورية أو من تركيا، كما هو شأن الغاز والبنزين والمازوت الأوروبي. حيث يتم استيراد هذه الأنواع بشكل مباشر عبر معابر باب الهوى والسلامة وغيرها.

أحمد وديع العبسيأزمة المحروقات في إدلبإمدادالفيولالمازوت في سوريةالمازوت وهيئة تحرير الشامالنفطالنفط في مناطق سيطرة المعارضة السوريةوتد