رسائل مسلسل السراديب

أ‌. عبد الله حاج درويش

إن تابعت مسلسل السراديب سوف تقف أمام تساؤلات كثيرة، وأفكار تأخذك يمنة ويسرة… ما الذي يريد المسلسل قوله؟ ما الرسائل التي يعكف على إيصالها؟
هل هدف المسلسل والقائمين عليه هو القضاء على الفساد من خلال تسليط الضوء على الوضع المزري الذي وصلت إليه البلد من الفساد؟
أم هدفه أن يقول للمشاهد: كما أن هناك أناس فاسدون، في المقابل هناك أناس طيبون ومواطنون صالحون؟
لكن …
كل ذلك لم يكن على طاولة الأفكار، لم يكن سوى رسائل ملطخة بالدماء، مشحونة بالكراهية، موغلة في الإجرام، تقول الآتي:
إن هذا البلد ( سورية) قد وقع ضحية عصابة من اللصوص والقتلة وتجار البشر، وعديمي الشرف والمروءة.
إن هذا البلد لا مكان فيه إلا للطغيان والتجبّر والتسلّط، أما الضعيف أو الشريف أو العفيف، فلا مكان له أبداً، وحتى لو كنت ضابطاً ولكن تحب الخير فأنت معرض للقتل، وباقل الاحتمالات، لايُسمح لك بالترفّع، وسيتم تسريحك في الوقت المناسب.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على واتساب  اضغط هنا

إن على كل من يريد أن ينجو بنفسه، وألا يعرض نفسه لأي شكل من أشكال الهوان أن يغادر هذا البلد دون أن يلتفت لأي شيء.
إن المتجبرين الذين يستمدون جبروتهم من السلطة يمكنهم – في أي وقت يشاؤون- أن يأخذوا مالك، وروحك، وعرضك …. وأنت تنظر بعينيك، تستشعر قهر الرجال، وتعتصر الألم والحسرة والندم على بقائك في بلد الياسمين.
إن الفساد المستشري لا يمكن التخلص منه، ولا يمكن لعدد ضئيل ضعيف هزيل أن يقف أمام تيار الفساد الجارف، لذا كفّ عن المحاولة، وإن لم يعجبك الوضع فغادر البلد فوراً، واشكر الله على نعمة بقاء رأسك فوق عنقك.
وإن كنت مسافراً خارج البلد، فلا تفكر بالعودة إلى (حضن الوطن) القاتل الذي سيستقبلك بالعنف والقسوة ويمارس في حقك كل أنواع العذاب وحتى درجة الموت في سراديب السجون المظلمة، وحتى خارجها، وكل ذلك باسم حب الوطن والحرص على حمايته من العملاء وممن يتربصون به الدوائر.
إن هذا البلد لم يعد يمتلك رغيف خبز يقدمه للجوعى، ولم يعد يمكنه منح الفقراء الدفء في الشتاء، أو أن يضيء لياليهم المظلمة، ولا أن يسقيهم جرعة ماء نقية.
إن الشباب – وإن وصلوا لأعلى مراتب الدراسة- ليسوا سوى أرقام، ولا فرصة عمل تنتظرهم إن لم يكونوا على مستوى من الفساد والقرب من الفاسدين.
وكل ذلك الحرص والعمل الممنهج للضغط على الناس ليهاجروا؛ هو العمل على التغيير الديموغرافي، وتوطين الموالين، من الداخل والخارج، وخاصة من إيران التي بدأت منذ سنوات بشراء العقارات، وتمليكها لمرتزقتها في سورية، وخاصة في دمشق وحلب.
هذه الرسائل تصدر للمشاهدين باسم الفن، وبدعوى نقد سلوكيات النظام، ومن ممثلين كانوا بالأمس في ضيافة بشار الأسد، وفي الحقيقة هي تحاول أن تقول للناس ( سوريا الأسد، الأسد أو نحرق البلد)، فالبلد بلدنا والحدود بطّالع جمل… والإعلام إنما هو أداة يستخدمها النظام لتوسيع الشرخ والفتنة بين مكونات الشعب السوري، وحتى على مستوى العلاقات الشخصية، وليس أداة محايدة، أو فكر حرّ يقول ما يريد، بل تملى عليه النصوص إملاءً لتحقيق أهداف السلطة المستبدة، ومخططاتها التخريبية اللاوطنية.

الجزء الثاني من كسر عظمالسراديبسورياعبد الله درويشفنكسر عظم الجزء الثانيمسلسل السراديبمسلسلات رمضانمسلسلات سوريةنقد فني