رسالة إلى فريق ملهم التطوعي وإلى من يتحدث عنهم

فراس مصري

فجرت حملة فريق ملهم التطوعي في الآونة الأخيرة الكثير من التساؤلات البريئة منها والموجهة وأيضاً الساذجة، وحقيقة الأمر أنا لا أعرف أي زميل من هذا الفريق بشكل مباشر ولم ألتق معهم مهنياً ولا اجتماعياً خلال فترة الثورة.

كما أنني اعمل في الشأن العام منذ عام 2003 وكثر من شباب مدينة حلب يعرفون ذلك وعملوا معي في مشاريع التنمية الاجتماعية والتعليمية.

إلا أنني لم أجرؤ لا قبل الثورة ولا خلالها على ولوج مجال العمل الإغاثي الإنساني، لمعرفتي بالمسؤوليات الكبيرة والحمل الثقيل الذي لا أفضل المخاطرة بالخوض فيه، وما أريده من هذا الكلام أن من يتصدى للعمل الإغاثي هم شريحة من الناس همها العطاء ولديها القوة ومستعدة للمجازفة، هذه هي القاعدة أما الاستثناء فهو وجود حالات من الفساد والاختلاس وهذا الأمر موجود في كل المجالات العملية والتطوعية الأخرى وبنسب مختلفة.

في الحالة السورية العمل الإنساني الإغاثي ليس واجباً يقتصر على فئة قليلة من الناس بل هو واجب يتوجب القيام به من قبل فئات وشرائح كثيرة (فقد اتسع الخرق على الراقع) ومع بذل الشباب السوري في هذه الثورة المباركة دماءهم وجهودهم وأوقاتهم في هذا المجال يقفز أمامنا نذر من الناس يشيرون للشبهات ويقذفون الآخرين بتهم الفساد دون أدلة ولا قرائن، بل ويتحولون لمحللين اجتماعيين ومراقبين على الشفافية من خلال الصفحات الصفراء والزرقاء والخضراء دونما تكليف من أحد ودون منهجية مهنية وجلهم ينسى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم “وهل يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم” هذا التحذير الشديد من صاحب الوحي صلى الله عليه وسلم لم يأت إلا لعظمة الضرر الناجم عن إطلاق العنان لألسنتنا في نهش لحوم الآخرين وتفسيخ المجتمع ومنع الخير وتحويل العلاقات الإنسانية إلى علاقات ضغينة وكراهية، نعم هذا الحديث النبوي العظيم يحذر من خطاب الكراهية المصطلح الذي ينبهر الناس به اليوم.

أكتب هذا اليوم بمناسبة حملة فريق ملهم التطوعي حتى آخر خيمة كما قلت في مقدمة المقال، وأوجز:

  • انطلقت حملة فريق ملهم التطوعي هذه في محنة قاسية وشتاء يعتبر الشتاء الأقسى الذي مر علينا في السنوات العشرة السابقة.
  • عشرات المنظمات الأخرى تعمل جاهدة مجاهدة لنفس الغاية لكن بأساليب مختلفة فتنوع المانحين والمتبرعين وشروطهم تضطر المنظمات السورية للتجاوب مع مستلزمات المانحين.
  • انطلقت حملة فريق ملهم التطوعي في بث مباشر على الهواء بأرقام حسابات بنكية واضحة وشفافية في كل ليرة دخلت لحساباتهم.
  • هذا الأمر كفيل بأن الضبط المالي والمحاسبي موجود وأن عيوناً رقابية مالية وسياسية متجهة صوبهم ويمكنها أن تدينهم في أقل انتهاك للمعايير والشفافية.
  • المتبرعون في هذه الحملة مختلفون عن باقي المانحين فهم نحو 11000 شخص سوري وغير سوري دفعوا هذه التبرعات بوازع إنساني بحت لكنهم جميعاً لا يريدون الضحك على ذقونهم وتبديد أموالهم في غير مكانها.

بدأ المتربصون وكما قلنا بطيب نية أو سوئها وهنا لا ينفع طيب النية مع القذف وإلقاء التهم دون وضوح دليل، ولئن كان هناك دلائل فالمحاكم مكان المحاسبة وليست الصفحات الملونة وهنا أيضاً أريد أن أوجز:

  • تهمة ساذجة وربما خبيثة عن كيفية بناء 270 مسكن بيومين بهذه الأموال التي بلغت 2 مليون دولار.
  • تهمة سخيفة بتصوير بعض شباب الفريق أمام مائدة من الطعام وكأنها مسروقة من أموال التبرعات.
  • تساؤلات عن رواتب أعضاء الفريق.
  • سؤال عمن يراقب مصارف هذه الأموال.

والإجابة على هذه التساؤلات ودون الحاجة لسؤال الفريق عنها والذين لم ألتق بهم ولم أسألهم أقول:

  • بالنقطة الأولى صدر توضيح من الفريق أن مساكن مجهزة من فريق ملهم وأوتاد تخص الأيتام لم توزع كلها بعد ويمكن تأجيل تسليم جزء منها عدة شهور وتم نقل أهلنا في الخيام المتضررة لها وعلى الهواء مباشرة لها، وهذا في علم إدارة الموازنات يسمى المناقلة في التخصيص.
  • أما عن تصوير شاب في مقتبل الحياة ويحق له أن يعيش وأن يكون سعيداً بأسرته وأصدقائه فهذا عين التدخل المسف بخصوصيات الناس ولا يعد لا من قريب ولا بعيد قرينة على فساد، وهنا أريد أن أسأل الذين يقومون بهذه الحملة المضادة هل يمكنكم تصوير حياتكم لنا على الهواء مباشرة.
  • بالنسبة لإشهار رئيس الفريق راتبه للناس وهو غير مضطر، وتقييمه على أنه مرتفع نقول أن العمل التطوعي لا يعني أن تفرغ وقتك بنسبة مئة بالمئة ثم تعيش من ماء المطر، وفي شرعنا الحنيف ورد مفهوم “القائمين عليها” وفي الأنظمة والقوانين الناظمة لعمل المنظمات التطوعية يوجد نفقات تغطي أجور ورواتب العاملين، وأما عن تقييم الراتب من حيث الارتفاع والانخفاض فهناك أعراف موجودة لكل مجال من المجالات ولا يخفى على أحد أن الراتب المذكور هو الحد الأقرب للأدنى الذي يتقاضاه مدير تنفيذي في منظمة ما.
  • وعن مقارنة الراتب براتب مدير كبير ومسؤول عظيم سأسأل المستغرب هل يوجد رئيس دولة في العالم له دخل يساوي عشر راتب لاعب كرة قدم من النوع المتوسط، فلم يكون ذلك؟ لأن تقدير الأجور يعتمد أيضاً على الأرباح فلاعب كرة القدم لا يأخذ هذه الأموال لسواد عيون ولا لجودة لعب بل لأنه يجلب للنادي أكثر مما يأخذ.
  • وفي حالتنا ففريق ملهم وغيره من المنظمات العاملة بالوسط تمكنوا من جلب مستلزمات من الصعب تحقيقها في المجال الاغاثي لشعبنا المنكوب وهي أكثر بعشرات الأضعاف مما يتقاضونه أجراً على ذلك.
  • طبعاً أتحدث عن العمل الإنساني والإغاثي، لكن السؤال الذي يدور في ذهني لماذا لا يتساءل الحريصون على أموال السوريين عن رواتب تلك المنظمات غير الإغاثية وغالباً ليست إنسانية بكل المعاني والتي تعمل في مجال بناء السلام والنسوية وبعضها فاسد مفسد ويجولون في الداخل السوري وفي المجتمعات السورية وترفع لهم القبعات، هل سأل أحدهم كم تتقاضى وممن تتقاضى فلانة الحبوبة المحبوبة التي تفتح لها الأبواب على مصراعيها لتبث سمومها في مجتمعنا.
  • وأخيراً حول مصارف تلك الأموال فكما نوهنا في البداية طالما المال يمر من بوابات بنكية فهو مراقب بالقرش والليرة.
  • وآخراً عن وجود حالات فساد؟ نعم هذا ممكن جداً لكن مكانه هو الهيئات الرقابية في الدول التي تعمل فيها هذه المنظمات ومرتهن بحسابهم أمام ربهم سواء مروا بحساب الدنيا أم لم يمروا …..لكن…لا تقطعوا الخير أيها الأحباب ولا تجعلوا تشكيكم مجالاً لانحسار التبرعات وهذا ما يحصل في قضيتنا مع الأسف، وأنا أطالب كل المشككين بإطلاعنا على حياتهم وأعمالهم وعطائهم ومواردهم وبذخهم وأعراسهم ……….

 

اللهم قنا ناراً تجرنا إليها حصائد ألسنتنا إنك نعم الرقيب والحسيب

حياكم الله.

العمل الإغاثيحتى آخر خيمةفراس مصريفريق ملهم التطوعيمخيمات السوريين