غسان الجمعة
لاتزال القوات الروسية تتقاطر تباعًا نحو مطار القامشلي رغم الاتفاق الذي أُبرم بين النظام السوري وميلشيا (قسد) برعاية روسية على خلفية التصعيد في مدينة حلب والحسكة بين كلا الطرفين، حيث أنهى الاتفاق حالة الاستنفار التي وصلت درجةَ حصار (قسد) لميلشيا النظام في مربعها الأمني في الحسكة وقطع طريق مطار القامشلي عليها.
ورغم أن تحرك (قسد) باتجاه ميلشيات الأسد، إلا أن هذا التحرك تزامن مع فتح التنظيم الإرهابي معبرًا بين مناطقه ومناطق سيطرة النظام على نهر الفرات، في خطوة تعكس المنهجية الأمريكية في تعاملها مع الملف السوري، إذ تبقى الرؤية الأمريكية مشفوعة بأي وقت بأسباب تدفع فيها حلفاءها شرق الفرات للتصعيد تارة والتهدئة والحوار تارة أخرى.
اقرأ أيضاً: وفاة المجرم عمر حميدة الذي قطع لسان معتقلة وجردها من ملابسها أمام أخيها
وأول هذه الأسباب التي تؤيدها الولايات المتحدة هو الضغط على الروس حلفاء الأسد، بالإضافة إلى تعميق الخلاف بين روسيا وقسد، لا سيما مع امتعاض قسد من عمليات الابتزاز التي ترتبها روسيا مع تركيا في الاستحواذ على المناطق بالتصعيد واجتياحها، ثم التسوية بالنهاية بسيطرة الأسد عليها وآخرها (عين عيسى).
ورغم أن الضغط غير مباشر على روسيا إلا أن زجها بالمزيد من قواتها يعني المزيد من التعقيد أمامها في الملعب الأمريكي.
ومن جهة أخرى تعمد السياسة الأمريكية إلى إكمال حلقة الضغط التي تقودها في الشرق الأوسط على إيران وأذرعها في المنطقة، وهو ما يصبُّ في المصلحة الإسرائيلية أيضًا، ويرد على التعزيزات التي تؤسس لها طهران جنوب الفرات.
اقرأ أيضاً: بيدرسون يحدد موعد اجتماع اللجنة الدستورية الخامس
في حين إن التصعيد مع النظام السوري يتماشى مع تصريحات قسد المتكررة مؤخرًا عن رغبتها بإجراء محادثات مع المعارضة ورموزها والسعي للانخراط في جسمها كخطوة أولى تخطوها قسد نحو المعارضة السورية بعد فشلها في التقارب مع النظام مرات عديدة.
أما عن المراوغة الأمريكية والسماح بإمداد النظام بالنفط والمواد الغذائية، فإن الولايات المتحدة تريد الحفاظ على مصالحها السياسية والاقتصادية بشكلها الحالي، حيث تسيطر أمريكا على حقول النفط بحجة (داعش) وتغضّ الطرف عن عمليات التهريب النفطية وغيرها بين النظام وقسد؛ منعًا للانهيار والفوضى الكاملة في حال الضغط أكثر على موارد النظام.
الأيام القادمة ستكون أشد على النظام السوري والروس مع تسلم معظم المسؤولين الأمريكيين السابقين في عهد أوباما زمام الأمور في إدارة بايدن نفسها وعلى رأسهم (بريت ماكغورك) الذي يدعم الأحزاب الانفصالية بقوة ولم يعتد مزاحمة روسية في شرق الفرات كما هي الآن.
الصراع بين الأحزاب الانفصالية والنظام السوي لن يتوقف ما دامت أمريكا تغذيه، وروسيا تستغله بالدفع بالمزيد من جنودها إلى شرق الفرات.