غسان الجمعة
تشهد محافظة إدلب تصعيدًا مستمرًا زادت حدته عقب مسرحية الانتخابات التي نفَّذها النظام السوري، حيث تواكب عمليات القصف اليومية عمليات استطلاع لقاعدة حميميم دفعت بالضامن التركي طلب رفع الجاهزية من الجيش الوطني والاستعداد لجولة تصعيد محتملة.
النشاط العسكري لموسكو والأسد يتزامن مع رسائل سياسية تمثلت بتصريحات للدبلوماسية الروسية حول إمكانية إجراء انتخابات مبكِّرة في حال تم الاتفاق على دستور جديد، بالإضافة إلى كشفها عن إمكانية عقد جولة جديدة من محادثات أستانة.
اقرأ أيضاً: المثقف والهوية والتغيير
هذه الخيارات والتحركات التي تقوم بها موسكو هي بمنزلة رمي الكرة بملعب الطرف الآخر، لاسيما مع اقتراب موعد حدثين مهمين على صعيد الملف السوري، الأول هو المعركة التي تستعد لها موسكو على طاولة مجلس الأمن، والمتعلقة بتمديد آلية إدخال المساعدات، والآخر هو لقاء بايدن وبوتين على هامش قمة الدول الصناعية السبع في جنيف.
رسائل القصف المتصاعد عسكريًا قبل المواجهات السياسية باتت غايتها معروفة في السياسة الخارجية الروسية، وهي الجلوس بحجم أكبر على طاولة المفاوضات، والضغط على الطرف الآخر بكل الوسائل لتحقيق المكاسب، في حين إن الخطط العسكرية التي ترسمها غالبًا ما تنفذها موسكو فجأة وتحت أي ظرف، وخصوصًا تلك التي تتعلق بمناطق خفض التصعيد التي ابتلعتها واحدة تلو الأخرى.
لذلك فإن روسيا والأسد يسعيان اليوم للضغط على الأمريكيين والأوربيين والأتراك أيضًا بتأزيم الوضع الإنساني عبر التهديد بعمل عسكري واستمرار القصف البري مع التلويح باستخدام حق النقض الفيتو ضد أي قرار يهدف لإدخال المساعدات عبر باب الهوى من أجل الوصول لتسوية تسمح بتحسين الأوضاع الاقتصادية للنظام عبر مساريين، أحدهما سربته تقارير إخبارية دون تأكيدات أمريكية يتمثل باعتماد معادلة النفط مقابل المساعدات وهو طرح مرتبط بإستراتيجية بايدن في سورية التي لم تتضح لليوم عناوينها، حيث إن تسليم ملف النفط لروسيا هو إقرار مبكر بالهزيمة الأمريكية وتخلٍّ واضح عن قسد فيما إذا أرادت إدارة بايدن تحقيق انسحاب من شرق الفرات.
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا
وأما الآخر فهو يقتضي بإدخال هذه المساعدات عبر دمشق، ممَّا يعني تحكم النظام بتوزيعها وتوجيهها واستخدمها كورقة ضغط ومساومة في مواجهة الأطراف الأخرى، هذا عدا ما تحققه هذه التمويلات من دعم لمرتزقته ومجهوده العسكري.
الولايات المتحدة تدعم الموقف التركي المتعلق بالحفاظ على الوضع الإنساني في إدلب، وقد زارت المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة الشريط الحدودي في رسالة واضحة لموسكو حول ملف المساعدات الإنسانية، إلا أن التفاهم الأعمق حول سورية لن يكون إلا في لقاء بوتين وبايدن؛ لأن الإدارة الأمريكية الجديدة ستطرح رؤيتها المختلفة عن الوضع الذي خلفه ترامب وشكَّل الحل الذي تريده واشنطن، كما أن روسيا لن تقبل باستمرار الوضع الحالي الذي يهدد حليفها ووجودها، وستلعب بكل أوراقها على طاولة المفاوضات لتحسين الظروف السياسية والاقتصادية لمصلحة النظام السوري والاستمرار بدعمه.
وبالرغم من أن اللقاء بين الرئيسين قد لا يستغرق فيه الحديث كثيرًا عن الوضع السوري، إلا أنه سيكون لهذا الملف ارتباطات بمسألة الوجود الإيراني وملفها النووي، والدور التركي، والكثير من المسائل التي ستحدد مسار العلاقات بين القطبين في المنطقة.