حرض بنيك على الآداب في الصغر ** كيما تقر بهم عيناك في الكبر
وإنما مثل الآداب تجمعها ** في عنفوان الصبا كالنقش في الحجر
هي الكنوز التي تنمو ذخائرها ** ولا يخاف عليها حادث الغيرعلي بن أبي طالب رضي الله عنه
الأبناء مرآة صافية تعكس بدقة الممارسات التربوية التي يتلقونها في البيت والمدرسة، من المربين من يميل إلى التسلط والسيطرة على الابن فينشأ ضعيف الشخصية، ومنهم من يستخدم القسوة والعنف البدني النفسي فينشأ الطفل خائف مترددا، ومنهم من يتراخى في تربية الطفل ف ينشأ غير مكترث، ومنهم من يوازن بين الحزم واللين فينشأ طفل مغمور بشعور الحب والحنان مدركا لمعاني الانضباط الذاتي، وهو النموذج المتوازن السوي[1].
ويلجأ المربي -أحيانا- في تربية الطفل المتوازن إلى استخدام أسلوب المكافأة والعقوبة (الثواب والعقاب) في تربية الأبناء إلا أنها في بعض الأوقات لا تجدي نفعا، وقد يعزز الوالدين سلوكاً خاطئ للطفل دون قصد.
مثال: قد يرفض أحد الأطفال تنفيذ أمر من المربي بدون سبب حقيقي يدفع الطفل لذلك، فيلجأ المربي بوعد تقديم شيء محبب للطفل إذا فعل ما طلبت منه.
فهنا قد عمل المربي على تعزيز سلوك غير مقبول من الطفل وهو العناد.
لذلك من المهم إذا أراد المربي تقويم وتعديل سلوك أبنائهم أن يتعرف أكثر مبدأ المكافأة والعقوبة وطرقه المناسبة له.
وفي هذا المقال سنستعرض لمحات عن مبدأ المكافأة والعقوبة
الثقة أولا:
عزيزي المربي، كي تستطيع تقويم وتعديل سلوك ابنك وتعزيز الإيجابيات وإعادة توجيه السلبيات تحتاج لأرضية ثقة مشتركة بينكم.
فحبك غير المشروط لطفلك، ومحاولة تفهم الطفل ورؤية الأمور بعدسة الطفل قبل عدستك يساعد على تعزيز الثقة بينكما.
التنويع في المكافأة:
تعتبر المكافأة هي تعزيز إيجابي لسلوك الجيد الذي يصدر من الطفل، وتساعد المكافأة الطفل بتميز العف الحسن والقبيح، وكذلك تساعد الطفل على تعزيز الدافع الذاتي لديهم، وتساعد في زيادة رغبة الطفل في الموازية على السلوك الذي تمت مكافأته لأجله.[2]
ومن الخطأ الاقتصار على المكافئات ذات البعد المادي فقط لأسباب عدة من أهمها ألا يعتاد الطفل أن يكون ماديا نفعيا، فتفعيل المكافئات المعنوية مهم في مساحة التربية أيضا.
ومن أشكال المكافآت:
المدح والثناء، نظرة رضا، تربيت على الكتف، المفاجأة المبهجة، الوقت النوعي، امتياز إضافي كزيارة لأحد الأصدقاء… الخ
المكافأة والمقايضة:
واحذر عزيزي المربي أن تعطي مكافأة لسلوك مشروط من قبل الطفل، بمعنى أن يشترط الطفل دائما مكافأة معينة إن قام بسلوك معين. وكن حريصا على ألا يتحول الأمر إلى ابتزاز من قبل الطفل، فتتحول الطاعة إلى مقايضة دائمة.
وننصحكم باستشارة متخصص إذا واجهتكم هذه المشكلة
هدف العقاب:
عزيزي المربي، العقاب لا يتمثل في الضرب أو إلحاق الألم البدني بالطفل، إنما قد تكون كلمة أو نظرة كافية لتوجيه الطفل والوصول إلى الهدف
ننصحك أن تضع دائما هدفك من العقاب أمامك وقت تنفيذه، واحرص ألا تتحرك بدافع الغضب في عقاب ابنك.
عدم تنساق العقوبة/ المكافأة مع الفعل:
الهدف من المكافأة والتعليم ليس دافع التدليل أو الانتقام، ولهذا ننصح بتناسب درجة العقوبة أو المكافأة مع تصرف الطفل، وسلوكه حتى لا تؤدي إلى نتائج عكسية.
العقاب الفعال:
لأننا لا نريد الصراخ والضرب في حياة أطفالنا على نحو متكرر
نقترح عليك عزيزي المربي بعض أشكال العقاب الفعال:
- التجاهل النشط:
تشتيت انتباه الطفل وسحب انتباه عندما يبدأ في إساءة التصرف، ومحاولة تحويل التصرف إلى سلوك إيجابي، وتستخدم هذه الطريقة في السلوكيات البسيطة، وتستلزم تعزيز للسلوك الإيجابي فور ظهوره.
- العواقب الطبيعية:
السماح للطفل بالتعلم من خطئه (داخل المساحة الآمنة)، فعلى سبيل المثال إذا أصر الطفل على ارتداء حذاء غير مناسب للعب وقت الذهاب إلى الحديقة، ندعه يتحمل نتيجة عواقبه على نحو تام من وجع بسيط في القدم وعدم الاستمتاع باللعب وغيرها من العواقب الطبيعية لتصرفه.
- الحرمان:
منع الطفل من شيء ثانوي يحبه عندما يقوم بسلوك خاطئ تم تنبيه له من قبل.
- الوقت المقتطع:
وضع الطفل في منطقة معينة في المنزل ليشعر بالخطأ، يوصي خبراء التربية أن تكون مدة الوقت حسب عمر الطفل، فلكل عام دقيقة كاملة.
ختاما، عزيزي المربي أعلم أنه من الحب تستمد التربية تأثيرها، وقد تفسح كلمة(أحبك) الطريق للكثير من التقويم لأبنائنا..
____________________________________
[1] ACT Raising Safe Kids Program to promote positive maternal parenting practices in different socioeconomic contexts
[2] Henderlong J, R. Lepper M. The Effects of Praise on Children’s Intrinsic Motivation: A Review and Synthesis