يتساءل الأهل والمربون دائماً متى نقول أنّ هذا الطفل يحتاج تعديلاً للسلوك؟
هل كلّ سلوكٍ مشكل يحتاج تعديلاً؟ متى أذهب بالطفل لمختص نفسي أو معالج؟
بدايةً تعديل السلوك يعرّف بتحسين الضبط الذاتي عند الفرد، عن طريق عدة أدوات تساعدنا في تغيير السلوك غير المرغوب فيه لدى الفرد بصورة عملية ومدروسة[1]
فتعديل السلوك يتكون من مجموعة من الخطوات والاستراتيجيات التي يستخدمها الأهل أو مسببي الرعاية مع الطفل لحل سلوكيات غير المرغوب فيها، وتشجيع السلوكيات الجيدة وهنا لا بدّ من التفريق بين نوعين من الأطفال في مساق نوعية التدخل وطريقته:
الطفل المضطرب:
يحتاج الأطفال المصابين بأحد الاضطرابات (النمائية، السلوكية، النفسية) أن يُدمجوا داخل برنامج علاج وتأهيل، جزء منه خاص بتعديل السلوك
الطفل السوي: (وهو مدار حديثنا)
أمّا للأطفال الأصحاء، فهناك سمات مهمة لتحديد احتياج الطفل لتعديل السلوك من أهمها:
- وجود تأثير للسلوك المشكل على حياة الطفل
مثال: أن يكون السلوك المشكل سبباً في حرم الطفل من اكتساب خبرات، أو يعيق نمو الطفل النفسي والاجتماعي
- عدم تناسب السلوك المشكل مع المرحلة العمرية للطفل
من المهم النّظر في المرحلة العمرية والطفل وتحديات المرحلة لمعرفة إذا كان السّلوك طبيعياً في هذه المرحلة أم يحتاج إلى تعديل
مثال: في التبول اللاإرادي لا يعتبر مشكلة إذا كان عمر الطفل عامين فما دون، لكن يعتبر مشكلة إذا أصبح عمر الطفل أربع سنوات[2]
لذلك من المهم النّظر إلى خصائص نمو الطفل والتحديات التي تصاحب هذه المرحلة
- تكرار المشكلة
لابد أن يتكرر السّلوك المشكل أكثر من مرة، فظهور سلوكٍ مرة أو مرتين لا يدل على وجود مشكلة لدى الطفل
- البيئة التي يتصرف الطفل في إطارها
أحيانا يقوم الطفل ببعض السلوكيات المشكلة في مواقف أو أماكن معينة وقد يرتبط هذا بأوقات التوتر العاطفي عند الطفل، وعادة ما يتحسن بالدعم النفسي للطفل
مثال: العناد الزائد لطفل السابعة في المنزل بعد فقدان الأب
هنا العناد ليس من سمات المرحلة العمرية، وهو موجود فقط في المنزل ويرتبط بحدث صادم
وبعد عمليات التشخيص الأولية نكون قادرين على وضع أسس الخطة الإجرائية معه وهي:
خطة تعديل السّلوك والأساليب المتبعة
وضع أي برنامجٍ لتعديل السلوك في المنزل أو المحاضن التربوية يعتمد على عدة خطوات:
- تحديد السلوك المراد تغييره
- السيطرة على السلوك
- وضع برنامج مكافآت لتعزيز خطة تعديل السلوك
أولاً- تحديد السلوك المراد تغييره
- قم باختيار سلوك سلبي واحد ترغب بتغييره
- حدد شدة السلوك وما هي دوافع الطفل للقيام به
- احرص على التركيز على سلوك واحد فقط في كل خطة
- احرص على أن يكون السّلوك السّلبي الذي تريد تغييره سلوكاً يمكن للطفل التّخلي عنه فعلياً وتخطيه بنجاح
- تأكد ان الهدف السلوكي قابل للقياس
- ضع في حسبانك أنّ الطفل قد يشعر بالإحباط عند الفشل في المحاولات الأولى، فاحرص على ألا يستسلم ويرفض التغيير
ثانياً- السيطرة على السلوك
هناك عدة طرق للمتابعة ولعل بعض وسائل العقاب تعين في إدارة العملية مثل:
الحرمان، العقاب الإيجابي والوقت المقتطع
الحرمان:
استبعاد شيء يحبه الطفل إذا قام بسلوكٍ خاطئ مثل أخذ لعبته المفضلة لبعض الوقت إذا ضرب أخته
واحرص عزيزي المربي أن يكون الحرمان من الأشياء الترفيهية والاحتياجات الثانوية، وليس في الاحتياجات الأساسية كالماء والطعام.
العقاب الإيجابي:
وهو من طرق العقاب التربوية، ويقصد به إضافة تكليف للطفل نتيجة لقيام الطفل بتصرف غير مرغوب فيه، مثل إعطاء الطفل مهام منزلية إضافة كعقاب له
على أن تكون المهام مناسبة لعمر الطفل
الوقت المقتطع :
المقصود بالوقت المقتطع هو وضع الطفل في منطقة معينة في المنزل ليشعر بالخطأ كردة فعل على سلوكه الخاطئ
وحاول ألا تقطع التواصل التام مع الطفل في هذه المدة، بل حاول أن يكون هناك تواصل بالعين
ثالثاً- وضع برنامج مكافآت لتعزيز خطة تعديل السلوك
يتم ذلك عن طريق مناقشة الوالدين للموضوع مع الطفل، والاتفاق معه على تطبيق هذه المكافآت في حال تحقق الاستجابة منه
بحيث يتم إفهام الطفل على أنّ هناك مكافأة تم تخصيصها له إذا قام بالتصرف المطلوب منه ومن الأفضل أن يساهم الطفل بوضع الخطة باختيار مكافأته بنفسه وذلك لتشجيعه وتحفيزه (إن كان بعمر مناسب) …
ولعل هذا ما سيتم الحديث عنه في المقالات القادمة في توصيف برامج تعديل السلوك ووضع خطط التعزيز والمكافآت وعرض النماذج التطبيقية
وفي الختام لابد من تبيان بعض الخطوات للحفاظ على استمرار عملية التعديل
لكي أحافظ على الثبات في بناء العادة الجديدة واستدامة الأثر الناتج من عملية التعديل لا بد من مراعاة مجموعة من الأمور من أهمها:
- أن يشعر الطفل بأنّ تطور سلوكه أصبح ملحوظاً
- وضع خطة بديلة في حال لم تثمر الخطّة الأولى (طبعاً بعد انقضاء كامل المدة المحددة للبرنامج)
- الاستعانة بكافة أفراد الأسرة في تطبيق الخطة
- تجنب تقويم عدة سلوكيات سلبية في وقتٍ واحد
- تجنب الصراخ والضرب لأنها قد تزيد من السّلوك السيئ
- الثّبات على خطة تعديل السلوك وتزميناتها
- الإيجابية والتفاؤل والصبر من أهم أسباب النجاح
عزيزي المربي تذكر دائماً ربّ فعلٍ بسيطٍ منك وخطوة جادة توثر في حياة الطفل وتُغيّرها فهم أمانة بعنق ومسؤول عنهم وعن بناء شخصيتهم بكل سليم ومنتج وفعّال
وتذكر دائماً قول النبي ﷺ
(لا تحقرنّ من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق)
(كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)
____________________________________
[1] كتاب تعديل السلوك الإنساني للدكتور جمال الخطيب
[2]الجمعية العراقية للصحة النفسية للأطفال / بغداد – العراق