علي سندة
كلما اقترب عيد الفطر أو الأضحى، استحضر بعض الناس آلامهم وأحزانهم وعاشوها كما لو كانت أول حدوثها، وهذا من حقهم كون المناسبات تفتح الجروح وتعيد الذكريات، لكنهم المشكلة أنهم يبدؤون بتصدير ما يعانونه للجميع، فمن منا لم يقرأ على وسائل التواصل عيد بأية حال عدت يا عيد؟ ومن منا لم يقرأ عيدنا حين يسقط النظام، وعيدنا حين ننعم بالحرية، وعيدنا حين نعود إلى ديارنا.. إلخ من العبارات التي تروج وتكرر في العيدين.
إن لكل سوري مصابه وشأنه الخاص به، إذ له أن يفرح وألا يفرح، لكن المشكلة أن يصبح الشأن الفردي جمعيًا، فيُصدَّر العيد بالطابع الحزين الأليم، والحث على الزهد فيه، لا سيما بترك مظاهر الفرح الخاصة به (كتحضير الحلويات، وشراء الملابس، والتزيين في البيت.. إلخ)، ويرون وجوب ذلك إلى أن يتحقق المراد للجميع!!
إننا مقبلون على عيد الأضحى بعد أيام سائلين الله سبحانه وتعالى الأجر، والله سبحانه وتعالى قد خصص أيامًا فيها من الفضل والأجر والبركة ما يحفز المرء على السعي فيها وملء الخيرات والاستفادة منها، لا سيما فضل العشر الأوائل من ذي الحجة التي نعشيها حاليًا، فالله سبحانه وتعالى أقسم بها بقوله: “والفجر وليالٍ عشر” وقد قال نفر من العلماء إنها العشر الأوائل من ذي الحجة، فكيف ننفِّر على وسائل التواصل بداعي الألم والقصف وفقد الأحبة، بدل أن نحض على الدعاء والخير والسعي لتحقيق المراد مع الوقوف عند حرمات الله؟!
إن فضل العشر الأوائل من ذي الحجة التي نعيشها حاليًا لا يسعها المقام في سرد أفضالها والتفصيل فيها، إنما حسبنا سرد بعضها على عجالة لعلنا نستبدل بها عبارات عيد بأية حال عدت يا عيد، وغيرها، كي نكون مبشرين ولسنا منفرين.
اقرأ أيضاً: المنطقة الصناعية في مدينة أعزاز نافذة تجارية جديدة للمناطق المحررة
العشر الأوائل من ذي الحجة هي من أعظم أيام الدنيا بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: “ما من أيام العمل الصالح فيهنّ أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، فقالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء.”
ومنشور الفيس بوك المنفّر من العيد وأيامه عمل غير صالح بحجة الظروف والأحوال، بينما المنشور المبشِّر عمل صالح، ومثله الحض على الفرح واستغلال أيام الله.
ومن فضائل العشر الأوائل من ذي الحجة أن فيها يوم عرفة، يقول صلى الله عليه وسلم: “ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟” وهو يوم مغفرة الذنوب وصيامه يكفر سنتين.
ولا ننسى يوم النحر، يقول صلى الله عليه وسلم: “أعظم الأيام عند الله تعالى يوم النحر، ثم يوم القرّ.”
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا
حريّ بنا أن نكون مبشرين غير منفرين، أن نستغل أيام الله كما يجب، إذ من غير المعقول أن نترك أيامًا اجتمعت فيها الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا نستغلها أيما استغلال، وألَّا نكون مقلدين لمن ينفِّر من العيد بداعي الأوضاع الصعبة التي نعيشها سواء كان داريًا أو مقلدًا لما ينشر.
اللهم اقسم لنا من خير وبركة هذه الأيام، وفرّج عن سورية وأهلها وكل مظلوم، والحمد لله رب العالمين.