قطار التطبيع في خدمة الأسد

غسان الجمعة

 

تزداد وتيرة تطبيع الدول العربية مع النظام السوري، وتعلو تصريحات المسؤولين العرب بين الفينة والأخرى للتذكر بضرورة عودة نظام الأسد للكرسي السوري في جامعة الدول العربية. وتسعى الجزائر التي تستضيف القمة القادمة لإمكانية حضور النظام لقمة الجزائر في آذار العام المقبل.

وعقب زيارة عبد الله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي للأسد، رفضت قطر خطوات التطبيع وطالبت بمحاسبة النظام، كما ذكَّرت إدارة بايدن شركاءها في المنطقة وتحديدًا (الخليجيين) بجرائم الأسد، إلا أن مساعي تعويم الأسد باتت أكثر سرعة وحجمًا.

تركيا تمنع السوريين من السفر نحو بيلاروسيا.. وبوتين يهدد بقطع الغاز عن أوروبا

التقاطر لحضن الأسد من بعض الدول العربية له أسبابه ودوافعه، التي تنطلق في معظمها من سياسات الحكومات والتعامل بلغة المصالح وتحقيق المكاسب بعيدًا عن العواطف المساندة لتطلعات السوريين وتضحياتهم والتعامي عن دمائهم كما فعل بن زايد مؤخرًا.

الأهداف التي تدعو دول العربية للتطبيع نابعة من طبيعة أنظمتها وظروفها السياسية والاقتصادية، التي تنعكس بشكل أو بآخر على سياستها الخارجية.

المهرولون للتطبيع مع الأسد جُلهم من داعمي الثورات المضادة وأنظمتها، فكابوس الاشتعال المتتالي في البلدان العربية لا يزال يقض مضاجع البعض، على الرغم من التشويّه بكل ما أوتوا من سلطان، حتى أن دولاً مثل الإمارات والسعودية تتبعوا ثورات الربيع وخطفوها من عروشها عندما عجزوا عن قتلها في مهدها.

لن تسمح دول الجنرالات وغيرها بهزيمة الأسد والتماهي مع الثورة في البداية كان لإفسادها ولتطويعها؛ لأن التغيير في أيامه الأولى كان مشجعًا ومحفزًا، واليوم يشكل انهيار الأسد ونظامه بصيص أمل لشعوب مقهورة وتعاني من أزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية كبيرة.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

من جانب آخر تلعب عوامل الضغط الاقتصادي دورًا مهمًا في التطبيع مع الأسد، وخصوصًا من دول الجوار السوري، التي باتت ترى في سورية متنفسًا لأسواقها وممرًا لصادراتها ووارداتها، وخط الغاز العربي الواصل إلى لبنان هو مثال حي على قدرة النظام على الضغط والابتزاز.

وفي سياق متصل، فإن دول (العراق، والأردن، ومصر) تتوجه لبناء تكتل اقتصادي قوي ومتكامل، ورغم تسميته بـ (الشام الجديد) لم تصدر هذه الدول دعوة إلى النظام إلى قمته التي عُقدت في حزيران الفائت، إلا أن مراقبين أكدوا أنه كان الغائب الحاضر في ملفات عديدة، وعلى إثرها تمكن العاهل الأردني من انتزاع استثناءات التطبيع مع الأسد في زيارته لواشنطن من إدارة بايدن.

أما عن المسوغ الرئيس الذي يبرر للجميع التعاطي مع الأسد هو الضوء الأخضر الأمريكي الذي يهمل تطبيق قانون قيصر، ويغدق على الأسد بالفرص والاستثناءات، حيث باتت التصريحات الأمريكية حول التحذير من التطبيع مع الأسد أقرب لكونها وظيفة إنسانية بيروقراطية بين متحدثي الإدارة الأمريكية.

ومن جهة أخرى رغم مجازر الأسد وجرائمه، إلا أنه تم تقديمه كجزء من الحرب على داعش، وتم تلميعه عبر البروغبندا الروسية على مدار سنوات، وساهمت قضية اللجوء في إعادة التفكير ببقائه واحتوائه بدلاً من إقصائه لوقف الحرب وتدفق اللاجئين على حد سواء، ولم يكن هناك طريقة أفضل من ترويجه إقليميًا عبر الدول العربية.

 

الإمارات وبشار الأسدالتطبيع مع الأسدالنظام السوريبشار الأسدخدمة الأسدسوريا