حدد الباحثون الآلية الفيزيائية التي تسمح لجسيمات الذهب النانوية بقتل البكتيريا بشكل فعال. ويمكن أن تؤدي هذه النتيجة إلى تطبيقات أوسع نطاقا في المجال الطبي.
لقد كان من المفهوم – لبعض الوقت – أن بعض الجسيمات النانوية يمكن أن تقتل البكتيريا، ولكن الآلية التي تسبب ذلك كانت غامضة بعض الشيء. هذا لم يمنع من اعتماد الجسيمات النانوية كعامل مضاد للبكتيريا في التطبيقات الطبية الحيوية والصناعية والتجارية. ولكن فهم هذه العملية بشكل أفضل يمكن أن يحسن الأساليب ويوسع التطبيقات على سعتها وكثرتها.
تعاون فريق من الباحثين عبر العديد من التخصصات المختلفة من المعاهد في جميع أنحاء العالم بهدف البحث عن آلية عمل تلك الجسيمات، ويعتقد الباحثون أنهم عثروا على إجابة على هذا اللغز. إذ وجد الفريق أن جسيمات الذهب النانوية تمتلك خاصية سامة يمكن أن تسبب تشوهًا ميكانيكيًا للبكتيريا يؤدي إلى تمزق الخلايا والموت.
تمت مناقشة النتائج التي يمكن أن تساعد في البحث عن المواد النانوية ذات الخصائص المضادة للبكتيريا في ورقة نشرت في مجلة Advanced Materials العلمية.
هناك حاجة ماسة إلى تحقيق طفرة في المعرفة حول كيفية مكافحة الجسيمات النانوية للبكتيريا في مواجهة أزمة المضادات الحيوية التي تلوح في الأفق. بدأت بعض البكتيريا بإظهار مقاومة متزايدة أمام المضادات الحيوية نتيجة لكل من الإفراط في استخدام الدواء وسوء استخدامه. ولذلك يجب أن يتم تطوير طريقة بديلة لمكافحة البكتيريا في القريب العاجل.
اكتشاف السر الذهبي الذي يدمر البكتيريا
الذهب لديه مجموعة واسعة من التطبيقات الطبية التي يعود تاريخها إلى وقت مبكر من الحضارة المصرية القديمة. وتشمل التطبيقات الحديثة لهذا المعدن علاجات السرطان – يمكن القول أن أكثر استخدام مثير للإعجاب هو استخدامه في العلاج الكيميائي للأورام – وتشخيص الإيدز (فيروس نقص المناعة المكتسبة).
وتعتمد العديد من هذه التطبيقات على خاصية معينة عند الذهب وهي حقيقة أنه خامل كيميائيا، مما يعني أنه لا يتفاعل عند تماسه مع كائن حي. ولكن فقط لأن الجسيمات الذهبية لا تتغير، هذا لا يعني أنها لا تغير الكائن الحي، بل تقوم بذلك – وأحيانا بشكل مدمر.
تظهر دراسة الفريق أن جسيمات الذهب النانوية الخاملة تمتلك آلية فيزيائية يمكن أن تمزق جدار خلايا البكتيريا لتقتلها. تم اكتشاف ذلك من خلال تركيب جسيمات الذهب النانوية في المختبر، والتي كان لها شكل كروي مثالي تقريبًا. كما ابتكر الفريق جسيمات ذهب نانوية بديلة كان لها شكل نجمي في محاولة لاكتشاف الشكل الأكثر فعالية في تدمير البكتيريا.
على الرغم من وجود أشكال مختلفة، كانت الجسيمات النانوية ذات أحجام مماثلة – حوالي 100 نانومتر، مما يعني أنه يمكنك أن تضع ثمانية منها على مقطع عرضي لشعرة الإنسان.
درس الفريق الجسيمات النانوية التي تم إنشاؤها لتحديد كيفية تفاعلها مع البكتيريا الحية؛ ليجدوا أن الجسيمات النانوية تسببت في مقتل البكتيريا بعد أن شهدت ما بدا وكأنه تسرب هائل.
قام الفريق بعمل العديد من عمليات المحاكاة الرقمية، مشتبهين في أن آلية فيزيائية هي المسؤولة عن تمزق جدار الخلية وموت البكتيريا. صممت المحاكاة لتبيان كيف يمكن لطبقة من الجسيمات النانوية تطبيق ما يكفي من الإجهاد الميكانيكي على جدران خلايا البكتيريا لكسرها.
واكتشفوا أن العمل الميكانيكي الناجم عن جسيمات الذهب النانوية على جدار البكتيريا كان مماثلاً لعملية ضغط البالون، حيث تتمدد بعض مناطق في جدار الخلية وتتشوه في نقاط مختلفة إلى أن تتسبب في انفجار البكتيريا.
تقدم الباحثون بعد ذلك من النماذج الرقمية إلى نموذج اصطناعي لغشاء جدار الخلية. استخدموه لقياس استجابة الغشاء عند تماسه مع جسيمات الذهب النانوية.
كما اكتشف الفريق أن الجسيمات النانوية الكروية شبه التامة تسببت في تلف البكتيريا بشكل أكثر فعالية وسرعة. وعزوا ذلك إلى حقيقة أن لديها “ألفة” أكبر وأنها أكثر تفاعلا مع مساحة سطح غشاء الخلية البكتيرية من الجسيمات نجمية الشكل.
هذا البحث الذي أجراه باولين وفريقه، إلى جانب استخدامهم الفريد لتقنيات النمذجة المختلفة، يمكن أن يساعد علماء الأحياء وعلماء المواد – أخيرا – على فهم كيفة تدمير الجسيمات النانوية البكتيريا. وهذا بدوره يمكن أن يساعد في تطوير أساليب فعالة لحمايتنا من البكتيريا التي تؤدي إلى مجموعة واسعة من الأمراض.
تمت الترجمة بالاستعانة بمعجم مصطلحات الفيزياء الصادر عن مجمع اللغة العربية بدمشق
يمكنكم الوصول للمقال الأصلي من هنا