لماذا تحتاج مصر بناء العلاقة مع تركيا؟

غسان الجمعة |

تنشط الدبلوماسية التركية بشكل متسارع في مساعيها لتحقيق خرق في جمود العلاقات مع جمهورية مصر بعد أن لمست قبولاً مصريًا عقب تحريكها المياه الراكدة بتصريحات دافئة من كبار المسؤولين الأتراك وعلى رأسهم الرئيس التركي أردوغان، حيث تسعى أنقرة لتحقيق مصالحها التي باتت تحتاج خطاً ساخنًا مع القاهرة اليوم أكثر من أي وقت مضى.

اقرأ أيضاً: البيوت في إدلب … أسعار باريسية والنازح لا حول ولا قوة

ولكن الردود المصرية الباردة على الخطوة التركية ومحاولتها فرض شروط، والحصول على مكاسب قبل تطبيع العلاقات هو أقرب لإغلاق الباب في وجه أنقرة وعرقلة مسار التطبيع الدبلوماسي بين الطرفين.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

بل إن المزاودة المصرية في مواجهة أنقرة هي مغامرة غير محسوبة بفرصة لا يمكن النظر إليها من جهة المكاسب التركية فقط، إنما هناك ملفات ومصالح مصرية مهمة أيضًا يمكن لمصر أن تحققها في حال إعادة ترميم علاقاتها مع أنقرة.

الحلقة الأهم التي تنتظر هذا الاتصال السياسي بين الجانبين هو ملف الغاز شرق المتوسط، وزيادة حجم التبادل التجاري الذي يجب التنويه أن حجمه كان بتصاعد مستمر رغم الخلاف السياسي، فالحصول على القطع الأجنبي وتنمية الصادرات هي من التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري، ولذلك من مصلحة القاهرة ردم هذه الهوة في سياستها الخارجية، بل إن طموحها بأن تكون الرائدة في قطاع الطاقة في المنطقة لا يمكن أن يتحقق دون دعم وشراكة مع أنقرة، والقاهرة تدرك أنها بحاجة مد جسور التعاون قبل مدها لأنابيب الطاقة شرق المتوسط.

من جانب آخر تعدُّ ملفات ليبيا وسورية ذات أهمية كبيرة لتركيا في خططها الإستراتيجية، ولا يمكن لأحد نكران الحاجة التركية لدور القاهرة فيها، غير أنه يمكننا النظر من زاوية أخرى لهذه الملفات وهي حاجة القاهرة لقنوات مفتوحة مع تركيا لتحقيق مصالحها أيضًا فيها بمساعدة أنقرة كون دورها العربي المفترض يحتاج حيزًا أوسع للمناورة في كل من سورية وليبيا، ولا يمكن الحصول عليه إلا برضى وتوافق تركي.

في حين ورقة الأخوان المسلمين هي من أولويات النظام السياسي المصري في الوقت الراهن خارجيًا وداخليًا ولدى أنقرة مفاتيح هذا الملف، بل هي الحاضنة عمليًا لمحور الداعمين للإسلام السياسي الذي يُعدُّ عقدة الخلاف الرئيسة بين كلا الطرفين تحديدًا وبين أنقرة والمحور الخليجي عمومًا، حيث يعدُّ هذا الملف الركيزة الأساسية التي تبني تركيا شعبيتها عليها في المجتمعات العربية.

كما أن مصر تدرك حجم الدور التركي في لعبة التوازنات في المنطقة وخصوصًا في مواجهة إيران كون الأخيرة عرَّت الدور القومي والعربي لمصر في عواصم دول عربية عديدة، وباتت تشكل تهديدًا واضحًا لدورها التاريخي في المنطقة، ولا يمكن مواجهتها دون دعم تركي لحسابات مذهبية وجيوسياسية وتاريخية.

لا يمكن للبعض كما بدأ يظهر على منصات وسائل الإعلام تعظيم الصمت المصري أو إظهاره بمظهر الأقوى والمستجدى تركيًا، فملفات القاهرة على الطاولة التركية ليست أقل من تلك التي تدفع أنقرة لإعادة علاقاتها مع القاهرة، ولعل ملفات حقوق الإنسان وسدّ النهضة والملف الفلسطيني وغيرها الكثير تستحق أن ينظر لهذا التقارب بأنه نتاج مخاض مصالح لا مفرّ من وقوعه.

أردوغانالسيسيتركياسوريامصر