متغيرات السياسة على الإيقاع الأمريكي في الشرق الأوسط

غسان الجمعة

 

تسير السياسة الخارجية للولايات المتحدة في عهد الرئيس بايدن باتجاه معاكس تمامًا لسلفه ترامب في منطقة الشرق الأوسط، حيث تقوم هذه السياسة على الاحتواء والضغط الناعم واستخدام مصطلحات دبلوماسية أقل حدة وتصعيدًا تجاه منطقة تتشابك بها المصالح وتتعارض فيها رغبات الدول.

المنحى الأمريكي الأوضح في الشرق الأوسط هو الأسلوب الجديد في التعامل مع طهران وما يتعلق بها من أوراق وعلى رأسها الملف النووي، فقد أقدمت الإدارة الأمريكية على خطوات تجاه إيران لم تكن متوقعة حتى من الإيرانيين أنفسهم، وآخرها تصريحات الخارجية باقتراب رفع الحوثين من القائمة السوداء الأمريكية للتنظيمات الإرهابية.

هذه السياسة الأمريكية في المنطقة لها تأثيراتها على محاور التحالفات الدولية والإقليمية وحتى الوطنية في بعض الدول التي ترسمها حسابات التوازنات والمصالح.

فالسعودية أفرجت عن بعض معتقلي الرأي منهم إعلاميان سعوديان يحملان الجنسية الأمريكية، بالإضافة إلى الناشطة النسوية (لجين الهذلول)، وهو ما عده ناشطون ضغطًا أمريكيًا من إدارة بايدن تجاه حلفاء ترامب المستبدين، وهو ما ينتظرونه أيضًا من دكتاتور ترامب المفضل في مصر (عبد الفتاح السيسي) الذي أطلقت سلطاته سراح صحفي الجزيرة (محمود حسين) فالديمقراطيون كثيرًا ما تناولوا سجلاته الإجرامية في حقوق الإنسان كونه حليفًا لترامب خلال ولايته.

غير أن الجانب الأهم من المتغيرات سيكون على صعيد العلاقات والتحالفات بين دول المنطقة، فالحلف المناوئ لإيران وسياساتها في المنطقة والمدعوم أمريكيًا قد لا يضمن استمرار سياسته هذه بالاعتماد على من يغازل إيران جهارًا نهارًا ويدعوها للعودة لطاولة المفاوضات وتنفيذ الاتفاق، فالسعودية ودول الخليج ستجد نفسها قريبًا مضطرة لعقد تحالفات جديدة وإعادة بناء علاقات مع دول أخرى تكون عاملاً مهمًا في تحقيق توازنات في المنطقة، مثل تخفيف حدة التوتر مع تركيا، وتطوير العلاقات مع باكستان وروسيا لمواجهة أي تخلٍّ أمريكي عنها في ميزان التوازن مع طهران.

اقرأ أيضاً: مصدر عسكري: مجلس طلاس هو الخارطة الوحيدة للحل في سورية

وكذلك مصر وتركيا فهما بحاجة بناء أرضية مشتركة لحل خلافاتهما، فالضغط على ملفاتهما الحساسة بيد الأمريكيين لن يثمر بنتيجة لمصلحة أي منهما، فالحديث عن حقوق الإنسان في مصر لن تدعمه تركيا مع وجود اتفاق في ليبيا ومصر أحد دعائمه، وكذلك وجود تبادل تجاري بين الطرفين يبلغ مليارات الدولارات، ولن تجد مصر نفعًا في مناكفة السياسة التركية في ملف قسد وشرق المتوسط.

في حين روسيا الدولة التي تلقت أولى ضربات بايدن بدعمه للجهود الغربية في تقديم المعارض الروسي نافالني على المشهد الروسي من جديد لن تكون أكثر راحة في الملف السوري الذي يزداد تعقيدًا مع استمرار العقوبات على النظام السوري، وكذلك سيكون دخول واشنطن وطهران في جلسات تفاهم هو عبارة عن ظرف سلبي على نفوذها في المنطقة عمومًا وسورية خصوصًا.

يبقى الجانب الأهم في سلسلة المتغيرات المتوقعة هو السياسة الإسرائيلية تجاه إيران ودول المنطقة، وهي بيضة القبان في ميزان اتخاذ القرار الأمريكي في المنطقة، إلا أن الإدارة الأمريكية لم تدخل بقوتها التي ترغب بها إسرائيل للعمل في المنطقة حتى الآن.

أمريكاإيرانالسياسة الأمريكيةالشرق الأوسطجو بايدنسورياغسان الجمعة