ملخص
اشترك الباحثان وحيدة أحمد وروبن لو في العام 2010 في القيام ببحث لمقارنة النظام المصرفي الإسلامي بنظيره الاعتيادي في ثلاث دول أوروبية – تركيا وألمانيا والمملكة المتحدة. قام الباحثان بقياس كفاءة النظامين المصرفيين بين العامين 2005 و2008. كشفت الدراسة أن كفاءة البنوك الإسلامية – تقنيًا – أعلى من كفاءة البنوك الاعتيادية، إلا أنها تعاني من كفاءة تخصيص أقل، مما يؤدي إلى انخفاض كفاءة الكلفة مقارنة بالمصارف الاعتيادية في أوروبا.
مقدمة
قبل نشوء النظام المصرفي الإسلامي، لم يكن لدى المسلمين حول العالم سوى النظام المصرفي الاعتيادي لتسيير شؤونهم المالية. أطلق صعود الإسلام في سبعينيات وأواخر ستينيات القرن المنصرم دعوات لإنشاء نظام مصرفي يمكن المسلمين من إنجاز معاملاتهم المصرفية مع مراعاة الحدود الشرعية الإسلامية، ومؤسسات مصرفية قائمة على قوانين الشريعة. إن مسألة تحريم الربا في الشريعة الإسلامية هي سبب الفرق الرئيسي بين النظامين المصرفيين الإسلامي والاعتيادي.
إن الرغبة في تلبية احتياجات المسلمين المالية أدت إلى تأسيس مصرف التطوير الإسلامي في عام 1974، ثم مصرف دبي الإسلامي في عام 1975 وهو أول مصرف تجاري إسلامي في العالم. لاحقا، ومع مرور الوقت، تم تأسيس العديد من المصارف الإسلامية – في الشرق الأوسط على وجه الخصوص – كمصرف فيصل الإسلامي في مصر عام 1977 وفي الأردن عام 1978، مصرف الأردن الإسلامي عام 1978، وشركة الاستثمار الإسلامي المحدودة في الإمارات العربية المتحدة عام 1979.
أدى التطور الملحوظ للمصارف الإسلامية في الشرق الأوسط إلى توسعها لتشمل دور جنوب شرق آسيا، حيث تعد ماليزيا اليوم في طريقها لتصبح المركز العالمي للمصرفية الإسلامية. ترجع جذور نشوء الاقتصاد الإسلامي في ماليزيا إلى العام 1963 حيث تأسس مجلس صندوق الحجاج (LTH) كأول مؤسسة ادخارية إسلامية، تبعه إنشاء مؤسسات إسلامية – ذات أهلية كاملة – مصرفية وغير مصرفية. كان الأساس القانوني لإنشاء المصارف الإسلامية هو قانون المصرفية الإسلامية (IBA) والذي تم إطلاقه في السابع من أبريل/نيسان من العام 1983، وكان مصرف إسلام ماليزيا بيرهاد (BIMB) هو أول مصرف إسلامي بدأ عملياته في ماليزيا في يوليو/تموز 1983. من الجلي الآن أن دولتي ماليزيا والبحرين تمثلان المحور الرئيس للعمليات المصرفية الإسلامية.
تم تعزيز تطور ونمو النظام المالي الإسلامي بشكل أكبر من خلال إصدار رخص من قبل عدة دول لمصارف أجنبية للسماح لها بتقديم منتجات إسلامية في سبيل تحسين العمليات المالية الإسلامية. لم تساهم هذه الهيكلية الجديدة في توسيع نطاق شبكة المصرفية الإسلامية داخل الدول فحسب، بل أيضا في تحسين فعالية وأداء التطبيقات المالية الإسلامية.
لاحقا، شهد النظام المصرفي الإسلامي توسعا، ولم يعد يركز فقط على الدول الإسلامية، بل تقدم نحو الأسواق الغربية.
نناقش في هذه المقالة تواجد النظام الإسلامي المصرفي في ثلاث دول أوروبية، ألمانيا (أوروبا الغربية) وتركيا (أوروبا الجنوبية) والمملكة المتحدة (أوروبا الشمالية)، ومقارنتها بالنظام المصرفي الاعتيادي. كما سيتم تحليل ومقارنة فعالية كليهما.
نتائج الدراسة
تمت دراسة إحصائيات الكفاءة للنظامين المصرفيين الإسلامي والاعتيادي من خلال ثلاثة معايير: الفعالية التقنية، الفعالية التخصيصية، وفعالية الكلفة الإجمالية. اقتصاديا، الفعالية التقنية هي المعيار المنجز لدى تحصيل أكبر قدر من المخرجات بأقل تكلفة، في حين أن الفعالية التخصيصية تقيس كفاءة تحصيل مخرجات مختلفة من خلال التوفيق بين مدخلات مختلفة. أما الفعالية الإجمالية، فهي المعيار الذي يقيس التأثير المشترك لمعياري الفعالية التقنية والتخصيصية.
إن المصرفية الإسلامية – نسبيا – هي ظاهرة جديدة في النظام المصرفي الأوروبي. من ثم، فإن قياس فعاليتها يعد أمرا محوريا لفهم أهمية المصارف الإسلامية في أوروبا لدى مقارنتها بالمصارف الاعتيادية. تساهم هذه الدراسة في معرفة كيفية عمل المصارف الإسلامية من خلال التركيز على مقياس المدخلات/المخرجات، والذي يلعب دورا مهما في قياس فعالية الأنظمة المصرفية. كما تساهم في إيجاد حدود فعالية المصارف الإسلامية والاعتيادية في كل من ألمانيا، تركيا، والمملكة المتحدة.
مع قلة أصول المصارف الإسلامية مقارنة بالمصارف الاعتيادية، فإنها تستمر في كونها فعالة، خصوصا في مجال التكلفة. عموما، المصارف الإسلامية تعد أفضل من المصارف الاعتيادية فيما يخص التحكم بالكلفة. إحصائيا، فإن عمليات المصارف الإسلامية تحظى بكلفة مالية أقل. كما أن المصارف الإسلامية في كل من الدول الثلاثة فعالة تقنيا بشكل أكبر؛ إلا أنها تعاني من عدم فعالية تخصيصية والذي يؤدي إلى فعالية تكلفة أقل. كل ذلك يشير إلى أن المصارف الإسلامية تعاني من مشاكل باختيار مركبة المدخلات السعرية باعتبار أن عدم الفعالية تلك لا تنتج بسبب أخطاء إدارية.
أظهرت المصارف الاعتيادية في أوروبا خلال السنوات الثلاث ثباتا في إحصاءات الفعالية. قد يكون التغير الذي طرأ في معايير الفعالية في كل من المصارف الإسلامية والاعتيادية (خصوصا في الفعالية التخصيصية) عائدا لعوامل داخلية بشكل أحرى من أن يكون عائدا لعوامل اقتصادية وبيئية. علاوة على ذلك، تظهر المصارف الإسلامية تنافسية أكبر لوجود سوق مصرفي متكامل في أوروبا. استغلت المصارف الإسلامية الظروف الاقتصادية المواتية والابتكارات المصرفية خلال عام 2007، وذلك يدعم فرضية قوة وفعالية السوق.
يمكنكم الوصول للمقالة الأصلية من هنا