أعلنت مؤسسة الدفاع المدني السوري “الخوذ البيضاء” أن مخلفات الحرب، التي خلفتها عمليات نظام الأسد وحلفائه، تمثل تهديداً يومياً على حياة المدنيين في سوريا، حيث تنتشر مئات الآلاف منها على مساحات واسعة كـ”موت مؤجل”. هذه المخلفات تمنع السكان من العودة إلى منازلهم والعمل في أراضيهم، مما يفاقم الأزمة الإنسانية ويعيق جهود إعادة الإعمار.
ضحايا مدنيون بانفجارات متكررة
خلال يوم السبت 4 كانون الثاني، وثّقت فرق الدفاع المدني ثلاثة انفجارات ناجمة عن ألغام في ريف إدلب، أدت إلى مقتل خمسة مدنيين. أبرز الحوادث شملت انتشال جثامين أربعة مدنيين من عائلة واحدة، قُتلوا بانفجار لغم في بلدة حاس بريف إدلب الجنوبي. كما قُتل مدني آخر بانفجار لغم أثناء عمله في حديقة منزله في مدينة كفرنبل.
اقرأ أيضاً: زيارة رسمية إلى الدوحة.. خطوات جديدة لتعزيز العلاقات بين…
في حادثة أخرى، انفجر لغم تحت آلية هندسية مدنية في قرية رويحة بجبل الزاوية، ما أضاف المزيد من التعقيد للوضع الأمني في المنطقة.
إحصائيات مروعة: قتلى وجرحى من جميع الأعمار
خلال الفترة من 27 تشرين الثاني حتى 3 كانون الثاني، وثّقت فرق “الخوذ البيضاء” مقتل 27 مدنياً، بينهم ثمانية أطفال وامرأة، وإصابة 43 آخرين، بينهم 19 طفلاً، نتيجة انفجارات مخلفات الحرب.
جهود لتقليل الخطر وسط تحديات كبرى
رغم غياب الاختصاص الكامل في إزالة الألغام، تبذل فرق الدفاع المدني جهوداً كبيرة للحد من مخاطر هذه المخلفات. فقد حددت الفرق منذ 27 تشرين الثاني حتى 3 كانون الثاني نحو 117 حقل ألغام في محافظات عدة، بما فيها إدلب، حلب، حماة، واللاذقية. كما وُضعت علامات تحذيرية في المناطق الملوثة، إلى جانب حملات توعية للمدنيين.
فيما يتعلق بالذخائر غير المنفجرة، تمكنت الفرق من إتلاف 822 ذخيرة مختلفة منذ بداية كانون الأول وحتى مطلع كانون الثاني، وحددت أكثر من 80 موقعاً ملوثاً بهذه الذخائر.
مخلفات الحرب: آثار مدمرة على الإنسان والاقتصاد
أشارت المؤسسة إلى أن أخطر ما تخلفه الألغام والذخائر غير المنفجرة هو الخسائر البشرية المباشرة، حيث غالباً ما تؤدي الانفجارات إلى إصابات خطيرة تشمل فقدان الأطراف أو العاهات الدائمة.
كما يعيق انتشار هذه المخلفات عودة النازحين إلى ديارهم، ويحول دون تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار والتنمية في المناطق المتضررة. إلى جانب ذلك، يتسبب تلوث الأراضي الزراعية بالألغام في خسائر اقتصادية فادحة، حيث يعتمد سكان هذه المناطق على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل.
نزوح جديد بسبب القلق والخوف
يخلق انتشار الألغام حالة من القلق والخوف تدفع السكان إلى النزوح الداخلي نحو مناطق أكثر أمناً، ما يزيد الضغط على المناطق المضيفة. وتعكس هذه الأزمة المستمرة الحاجة الملحة إلى تدخل دولي لتطهير المناطق المتضررة، وإعادة الأمان للمجتمعات المحلية.
دعوة إلى التحرك الدولي
اختتمت مؤسسة الدفاع المدني نداءها بتأكيد أهمية دعم الجهود المحلية والدولية لتطهير المناطق الملوثة، وتعزيز برامج التوعية للمدنيين، وتمكين فرق متخصصة بإزالة الألغام. كما شددت على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لإجبار الجهات المسؤولة عن هذه الكارثة على تحمل مسؤوليتها، والعمل على تحقيق العدالة للسوريين الذين لا يزالون يعانون من آثار الحرب المستمرة.