نساء يتخذنَ من القمامة عملًا!!

سيرين المصطفى

تلبس (أم رامز) ملابس العمل بعد الفراغ من صلاة الفجر، ثم تعدُّ الشاي وتضع بجانبه الخبر مع صحن زيت وزعتر، ثم ترتب الخيمة وتتأكد من أن أطفالها تمَّت تغطيتهم بشكل جيد، بعدها تحذرهم الخروج منها كيلا يمرضوا من البرد، بعدئذ تنطلق حاملة كيسًا كبيرًا إلى عملها في البحث عن كراتين وملابس مرمية وحديد ونايلون.

أم رامز واحدة من عشرات النساء النازحات في المخيمات يبحثنَ في القمامة كل يوم عن أشياء يمكن الاستفادة منها، إما ببيعها والحصول على نقود عن طريقها، أو جمع أغراض ممكن أن تستعمل في التدفئة والطبخ، وليس فقط القمامة هي مكان البحث الوحيد، إنما في الطرقات أيضًا وبالقرب من المحلات والدكاكين.

ماهية عمل أم رامز

وتحكي (أم رامز) لصحيفة حبر عن تفاصيل عملها، بقولها: “أستيقظ باكرًا جدًا بحيث أكون أول من يصل إلى مكبّ النفايات، ثم أجمع كل قطعة فيها انتفاع، ثم في المنزل أقوم بالفرز، البعض يمكن بيعه، وآخر للمدفأة، وغيرها يمكن أن نستعمله في البيت”.

ويعود السبب في إقبال بعض النساء النازحات على ذلك النوع من الأعمال، هو قلة فرص العمل، وسوء الوضع المعيشي، الذي بدوره جعل الحصول على مواد التدفئة أمرًا صعبًا، ومن النساء من فقدنَ المعيل.

وبحسب النساء اللواتي التقينا بهنَّ، فإن بعضهنَّ يجدنَ أشياء قيِّمة على حدِّ وصفهنَّ، مثل ملابس مستعملة لأولادهنَّ ولهنَّ في الوقت نفسه.

اقرأ أيضاً: أسلوب جديد لاستهداف المدنيين في الشمال السوري بعبوات ناسفة

وفي هذا السياق تحكي لنا (أم سمير): “أعيش في غرفة صغيرة مسقوفة بشادر مع طفل وطفلة، أحصل على سلة غذائية واحدة كل شهر، وأعمل في الورشات الزراعية لإعالة طفلي، لكن العمل ليس دائمًا، فألجأ إلى القمامة كوني أجد فيها أشياء تنفع وتعيل، مثل قطع (نايلون، وبلاستيك) أبيعها لتأمين قوت يومنا”.

نظرات شفقة وازدراء واتهامات!

تواجه العديد من النساء صعوبات خلال بحثهنَّ في القمامة، أبرزها نظرات الشفقة والازدراء من قبل الناس، فيصبنَ جرَّاءها بالخجل ويتأثرنَ جدًا، ولأنه لا طريق آخر لتأمين قوت اليوم يضعنَ لثامًا كي يتحركنَ براحتهنَّ.

كما اشتكت نساء أخريات من أن بعض الناس يتهموهنَّ بأنهنَّ يعملنَ بجمع القمامة لإثارة استعطاف الناس والمنظمات للحصول على دعم.

تحكي (رجاء الأسعد): “أذهب إلى عملي قبل طلوع الشمس وأرجع قبل أن يجتمع الناس، أنا لست خجولةً من ذلك العمل، إنما لا أريد أحدًا أن يشفق عليَّ أو ينتقدني، فلا أحد يشعر بالوجع غير صاحبه”.

مخاطر تصيب النساء أثناء بحثهنَّ في القمامة

كما أن النساء مُعَرَّضات لخطر الإصابة بالأمراض والأوبئة، خاصة أنهنَّ يخرجنَ للعمل بجو شديد البرودة، وبحسب (مرام العيسى) عاملة في مجال التمريض، فإن النساء معرضات للإصابة للزكام، ونزلات البرد، مع آلام في الحلق، ووجع بالرأس، والسبب هو انتشار الجراثيم والفيروسات في الطقس البارد.

اقرأ أيضاً: جمال سليمان: لم أتراجع عن الترشح للرئاسة وهذا ما ناقشته مع الروس!!

وأشارت (العيسى) إلى إمكانية الإصابة بعسر الهضم، بالإضافة إلى حصول أوجاع معوية، لأنه يوجد أنزيمات في المعدة، لا تعمل في درجات الحرارة المنخفضة.

وتابعت الممرضة (مرام العيسى): “إن جمع القطع من النفايات يسبب أذية للجلد، وخاصة لمن لا ترتدي القفازات الطبية، وربما يتعرضنَ لجروح بسبب قطع الحديد والزجاج المرمي، كما تصدر القمامة روائح كريهة وغازات تضر النساء العاملات، واللواتي يحملنَ سوابق مرضية قد يصبنَ بالتهابات صدرية شديدة”.

علاوة على ذلك، تؤكد (نسمة عبد) أن “النساء معرضات لمشاكل نفسية، خاصة اللواتي يعانينَ من نظرات ازدراء نتيجة عملهنَّ، كما أن زيادة الضغوطات عليهنَّ وثقل المسؤولية على عاتقهنَّ، يسبب لهنَّ القلق والتوتر وفقدان الراحة النفسية، خاصة بسبب التفكير المستمر بالعائلة وما تحتاجه.”

وتحلم (أم رامز) بفرصة عمل تنتشلها من الواقع المرير الذي تعيشه، وتغنيها عن التفتيش في النفايات.

 

إدلبالبحث في القمامةالقمامةالمرأة السوريةسورياعمل المرأة