هكذا تحولت موسكو للهجوم

غسان الجمعة

تستمر روسيا باقتحام كييف وسط تصعيد وحشود غير مسبوقة وصلت لدرجة الزج بالقوات الروسية على تخوم بولندا في إشارة إلى تأكيد تهديدات بوتين بالرد على أي تدخل يعيق العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا.

إن تداعيات هذا الهجوم وأسبابه تنطلق من جملة أحداث ووقائع لا تقتصر على الإرث السوفيتي الذي يحلم بوتين بإعادته أوعلى حماية جبهته الغربية عبر تشكيل حزام جيوسياسي من الدول التي تدور في فلكه.
فمنذ تسلم بوتين السلطة عمد إلى نسج علاقات اقتصادية وسياسية مع الغرب كمرحلة تكتيكية مؤقتة يحقق منها غرضين أساسيّين هما ربط مصالحه بمصالح الدول الأوربية عبر شبكة الطاقة والاستثمار التجاري بحيث لا يمكن عزله أو الضغط عليه اقتصادياً في حالة المواجهة على غرار الاتحاد السوفيتي الذي انهار أمام أعين بوتين اقتصادياً وهو ما يحصل اليوم عند الحديث عن عدم إمكانية عزل روسيا من نظام (سويفت المالي).

الجيش الوطني يعلق على حادثة مقتل رجل تحت التعذيب في سجون فيلق الشام

من جهة أخرى استطاع بوتين دق أسافين الشقاق والخلاف في البيت الأوربي من خلال تفاوضه المستمر مع دول بعينها بمعزل عن الكتلة الأوربية وهو ما حدث في عقده لاتفاق نوردستريم2 مع ألمانيا وإبرام صفقات عسكرية مع دول أعضاء في الناتو مثل تركيا واليونان وتعزيز علاقات الحياد مع دول مثل فنلندا والسويد.
استفاد بوتين من هذا الوهن الأوربي وبوادر العجز في حلف الناتو وتدخلَ في القرم وسورية وأثبت عجز الناتو عن نجدة حلفائه في فترة قصيرة واستطاع إفراغ الحلف عملياً من جوهره الحقيقي الذي أُنشئ من أجله وهو مواجهة روسيا.
كما شكّل الانسحاب الغربي من أفغانستان وبعض الدول الإفريقية حافزاً لدى بوتين من أجل التمدد الناعم في هذه المساحات لتظهر روسيا أكثر وضوحاً وعلنية حول مصالحها عسكرياً وسياسياً في ليبيا وأذربيجان وكازاخستان ودول أوروبا الشرقية التي يجمعها العرق السلافي مع روسيا.

لمتابعة كل جديد تابعنا على فيس بوك 

ويبقى العامل الأهم في رغبة بوتين بالتحرك لتحقيق مصالحه هو قدرته على التحكم في خطوط الطاقة وأسعارها وهو ما يمنحه قدرة تأثير استراتيجية على الكثير من اقتصادات الدول والتي تعاني أصلاً من مشكلات تعافي عقب وباء كورونا.
أوكرانيا ليست الحلقة الأخيرة في مخططات بوتين ولايزال رصيده في التوسع والسيطرة راجحاً أمام أسباب العجز وميزان المكاسب الأوربي مع بوتين رغم ما تكابده من مخاطر التبعية والسيطرة مستقبلاً من خلال دس السم بالعسل فالغاز الروسي الذي تحرقه أوروبا في سبيل رخائها سيأتي يوم قد يخنقها به بوتين لا سيما وأن السياسة الروسية اليوم تقوم على منهجية “ليس لروسيا أصدقاء هناك أتباع أو أنداد” وهي الجملة الأوضح التي تفسر مفهوم روسيا العظمى التي يسعى بوتين لها.

أوكرانياالناتوبايدنبريطانيابوتيندونباسروسياروسيا موسكوفرنساكييفلوغانسك