غسان دنو
استفزني أحد الأصدقاء خلال زيارته لي في مكان عملي بعد أن جلس لساعة وأنا أحدثه وأبادله أطراف الحديث بلساني، وعيوني على لوحة المفاتيح أكتب وأصيغ الأخبار.
قال لي بأسلوب تعودت عليه منه: “إلى متى ستستمر بالكتابة، ومن يقرأ هذه الأيام، الأغلبية الساحقة تتابع البرامج ومواقع التواصل، فلما تضيع وقتك؟!”
وأضاف: “لمَ لا تتجه إلى صناعة محتوى مرئي؟ كـأن تكون (يوتيوبر) أو تصنع أفلامًا قصيرة ونحو ذلك من أشياء تجذب الجمهور بشكل أكبر.”
هزتني كلماته قليلاً، واستطردت بأفكاري للحظات وأنا أقلب هذا السؤال الذي يجتاح عقولنا نحن الذين تعودنا إفراغ أفكارنا في سطور ومقالات، وصفحات، وروايات، حتى وإن لم يقرأ لنا أحد نكتب لأنفسنا ونرتقي ونتفاعل، ضحكًا وألمًا وبكاءً بحسب المحتوى الذي صقلناه بجوارحنا قبل أقلامنا.
ولعل (الروايات) هي من أكثر ما يحثنا على الاستمرار في الكتابة؛ لإيماننا أنها تحمل كل ما نريد إيصال من أفكار تجتاحنا ولا نعرف إظهارها إلا عبر سردها بشخصيات خيالية وربما إسقاطات على واقعية.
أو حتى حكايات الناس التي نسردها بشكل إبداعي يجعل القارئ يعيشها ويشعر بكل تفاصيلها من فرح وسعادة أو ألم وحزن بحسب القصة.
فمن وجهة نظري الكتابة لا تموت ومستمرة بكتابها وعشاقها، ولها جمهورها الخاص المتعطش دومًا للمزيد.
فكم مسلسلاً على شبكات التواصل تابعتم هذا العام؟ وكم حلقة بأفكار مبدعة لشخصيات مؤثرة على يوتيوب شاهدتم؟ وكم فيلمًا هوليودي تعلقتم به حتى لحظة النهاية، بالتأكيد هي بالعشرات، لكن لم تأتِ فجأة خلال اجتماع عصف أفكار لكادر شركة أفلام فانتفضوا يؤدون المشاهد وحتى لو أتت الفكرة فجأة!! فهناك من وثقها بقلمه أو لوحة المفاتيح كفكرة، وهناك من نمَّاها كسرد وقصة وسيناريو، لتغدو في حلتها النهائية وقد أبدعها الكاتب بشغف وبكل جوارحه متخيلًا شخصياتها بحذافيرها بأشكالهم وصفاتهم وطباعهم ولباسهم وحركاتهم وعواطفهم.
لمتابعة الأخبار السياسية والمنوعة اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا
وصدرها كمنتج للشركات المنتجة ايما كان عملها في اليوتيوب والتلفاز والسينما لتصل لملايين الناس كمحتوى ناجح او غير ذلك.
ثم يأتي من يقول الكتابة ماتت وليس هناك من يقرأ ويتابع في ظل هذا المحتوى الجديد الرائج!!!
في مقالتي هذه رسالة لكل ذو فكر لامع وكاتب مبدع “لا تتوقف عن إدهاشنا بما يجول في عقلك وتجمدْ جوارحك وتستسلم للمحتوى الرائج محاولاً جلب إعجابات من جمهور السوشال ميديا للشهرة فقط.
هناك من بحاجتك ليرى مقالتك أو قصتك أو روايتك بأبها حلة، ولا بأس بأن تحولها إلى محتوى مرئي أو مسموع، فالجمهور متعطش دومًا لكل مجال، وبناءً عليه الكتابة أصل كل محتوى فني، ولن تفقد رونقها وألقها ما بقي الفن.