أميمة محمد
انطلاقًا من تعزيز ثقافة السلم الأهلي وترسيخ مفاهيم الحوار، أجرى مركز حرمون للدراسات المعاصرة ورشة حوارية، مطلع الأسبوع الفائت (1 و2 آب/ أغسطس)، تحت عنوان: “توجهات السوريات في مناطق التداخل العربي الكردي”، وذلك في مدينة عفرين شمال حلب.
شارك في الورشة قرابة عشرون امرأة من المكونين العربي والكردي، ويعتبرنَ من السيدات الفاعلات في المجتمع.
وكون منطقة الشمال والشمال الشرقي غنية إثنيًا ودينيًا، شهدت تغيرات كثيرة خلال عقد من الزمن، أدّت إلى تصدّعات في المجتمع تُهدد السلم الأهلي، وبشكل خاص ما يتعلق بالإشكالية الإثنية بين المكونين العربي والكردي في المنطقة، وقد سببت مشكلات متعددة، أدت إلى توتر العلاقات بين السكان.
التقت صحيفة حبر مع (حنين السيد) المدربة في الورشة، التي أخبرتنا عن النقاط المهمة التي تم تناولها قائلة: “طرح خلال الورشة الحوارية موضوعات مختلفة أهمها مفهوم السّلم الأهلي والعيش المشترك والأمن الاجتماعي في عفرين، واستخدمت المقارنة الإثنية بناءً على آراء السيدات المشاركات واستجابتهنَّ، كما تناولت أيضًا الأمور التي يجب القيام بها لتعزيز حالة السلم الأهلي، ومناقشة أكثر الممارسات التي يمكن أن تحظى بقبول مجتمعي ودعم محلي، ويصلح اتخاذها كأرضية لأي تدخلات محتملة.”
وأشارت (السيد) إلى أهمية النقاش المطروح بسبب تنوع أشكال المشكلة الإثنية، وخاصة في عفرين إثر التغيّرات الكبيرة التي طرأت على التركيبة السكانية، حيث نزح معظم أهلها، ولجأ إليها كثيرٌ من العرب الهاربين من قصف النظام السوري وحلفائه بعد تدمير منازلهم، وبالتالي حدث تباين كبير في النسبة السكانية تبعه مشكلات عديدة.
وعن أهم العوامل المؤدية إلى زعزعة السلم الأهلي، تخبرنا (دعاء العبدو) وهي من المشاركات في الندوة بأن “هناك عدة أسباب لزعزعة السلم الأهلي في عفرين، منها غياب القوانين والقواعد، وانتشار الأسلحة في متناول أيدي الناس، كذلك الفوضى وانعدام الأمن الذي يهدد تماسك المجتمع على كل المستويات، الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. ”
من جانبها لفتت (سندس فلفة) إحدى المشاركات أيضًا إلى أن “الانقسامات وحالات الاقتتال، وعدم وجود مؤسسات أو هيئات أو جمعيات تعنى بالسلم الأهلي، وضعف ثقافة حقوق الإنسان بين الناس، وعدم محاسبة المسيئين بشكل جدي، أدت إلى حالة عدم الاستقرار وزعزعة السلم الأهلي.”
دور النساء الفاعلات في تحقيق السلم الأهلي:
وأكدت المشاركات أهمية دور المرأة في ترميم السلم الأهلي وسعيهنًّ لذلك، كلٌّ من مكانها وعملها، كما تم اقتراح مجموعة من الأفكار التي تُعزز ثقافة التماسك المجتمعي وإعادة الثقة بين المكونات، مثل إشراك المكونات المتنوعة في صناعة القرارات الخاصة بالحياة العامة للمدنيين، وفتح قنوات اتصال للتواصل والحوار بشكل مستمر، إضافة إلى العمل على نشر فكر المواطنة الفاعلة والهوية الوطنية، مع تنبيه بعضهنَّ على عدم وجود اطلاع كافٍ على الوسائل المساعدة في تحقيق ذلك.
وعن الدور الذي يجب أن تقوم به منظمات المجتمع المدني للحفاظ على التماسك الاجتماعي، من وجهة نظر السيدات، اقترحت بعضهنَّ تهيئة كوادر مهنية مُدرّبة، تمَثِّل كلّ التنوع الديني والطائفي والإثني والسياسي في المنطقة، ومن شرائح عمرية مختلفة، لنشر قيم حقوق الإنسان والديمقراطية والمواطنة.
وتكمن أهمية الورش والجلسات الحوارية في تلك المواضيع في نشر الوعي والقصص الواقعية التي تتحدث عن العيش المشترك، والعمل على محاربة أشكال التمييز والتعصب، وبناء جسور التواصل بين السوريين العرب والكرد في المجتمع المدني الواحد.