وِقفـةٌ مع المؤتمر السوري الوطني

طاهـر محمد علي زينـو

يكـثـرُ هذه الأيـام على مستوى وطننـا الحبيب سوريـة الحضارة و العالـم في المجموعات الافتراضيـة و المحطات الإعلاميـة الحديثُ عن المؤتمر الوطني الذي يهدفُ إلى بلورة الخطوة الأولى “الأرضيـة” لمشروع التغيير السياسي على مستوى البلد بقطاعاته و مفاصلـه… و لنا مع هذا الحدث الوِقفةُ الآتيـة التي سأقدِّمُهـا عبر نقاط متتابعة مختصـرة واضحـة.
• بدايـة مع النقطة الأولى أقولُ موجّهـاً: يجبُ أن يدركَ السوريون أنّ تقديمَ مُرشحيِّ المؤتمرِ الوطني هو أمانـةٌ أخلاقية و مسؤوليةٌ وطنيـة و ليسَ ترفاً و نافلـةً من المشاركة المُفرَّغـةِ من جوهرِهـا و مضمونهـا كما جرت عادةُ نظامِ العصابة البائد.. بل الواجب أنْ ندركَ أنّ تقديمَ الأسماء الأكثر مسؤولية هو ضرورةٌ وفق معايير الجودة -إن صح التعبير- سيما في هذه المرحلة التي تؤرِّضُ لمشروع الدولة، و بالتالي أنْ يأخذَ المجتمعُ دورَه في رفض أي اسم لا يحقق تلك المسؤولية و النهوض بأعبائهـا؛ و بالمقابل المشاركة الفاعلةُ في رفع الأسماء التي تحققُ همهـم و تمتـاز بالكفاءة و الحضـور و البعد الإستراتيجي.
• و عليـه فإنّ المعيار الأول يتمثـلُ في تقديم الشخصيات الثورية ممن عُرفوا -على امتداد مراحل الثورة السورية- بالثبات و النزاهة و نظافةِ اليد و البُعد الوطني في طروحاتهم و توجهاتهـم التي تجاوزت حدود التبعية و البرغماتية و الانبطاح أمام الداعم و ماله السياسي.. شخصيات خاضت مراحلَ الثورة بقهرهـا و آلامهـا و هِجـرتِهـا و غربتِهـا و معاركِهـا متنقلين بين جبهاتهـا حتى تذوّقوا عذبَ انتصارتِهـا و فتوحاتهـا -بمحض فضلٌـه سبحانه-، ممن خبروا و عايشوا اتفاقيات الدول و فهموا مآربهـا و قرؤوا ما وراء أحداثِهـا..
• و يأتي المعيار الثاني ملازمـاً للأول في اختيار تلك الشخصيات التي يجبُ أنْ تكونَ ذاتَ بُعـدٍ فكريّ رساليّ على مستوى الدولة سياسياً و حضاريّاً ؛ ممن قرأت تاريخَ سوريـة و هضمت مراحلَهـا و استوعبت نقاطَ القوة و الضعف و الإخفاق فيهـا، و عرفت تاريخَ رجالهـا و أعلامهـا و قادتهـا و سِجلَ خونتِهـا..

اقرأ أيضاً: أسماء الأسد في عزلة صحية مع تدهور حالتها بسبب سرطان الدم

• و لعل قائـلاً يسألُ مستفسراً لماذا التأكيد في هذه المرحلة على الشخصيات ذات البُعد الثوريّ فأقولُ موضِحـاً:
إنّ هذه الشخصيات -إذا تحققت فيها المعايير السابقة- هي الأقدرُ في هذه المرحلة على الصبـر و الدفاعِ عن المشروع الوطني بصيغته الحضاريّة الراقيـة نحو سورية الإنجـاز و العمل، فهي التي تمتلك آليات الخطاب للقيادة الحاكمـة، و تتناغـمُ مع طروحاتها السياسية، و تعرفُ كيف تصوغ و توجِّـهُ و قد خاضت في الشمال المحرر تقلباتِ الإيديولوجيات الفكرية و المشاريع السياسية و الأجندات الدوليـة على تنوعهـا و تفاوت نوايـاهـا.
• و لذلك أجدُ من باب الأمانة و المسؤولية إرغام الشخصيات الثورية ممّن تحلَّوا بالكفاءة -كما قدمنـا- على قَبول الترشُّح و دفعِهـم لذلك و وضعِهم أمامَ مسؤولياتهـم الأخلاقية و الوطنية الثورية؛ فكثيـرٌ منهم قد يُحجمُ عن التصـدُّر في هذه المرحلة الحاسمة من تأريض المشروع السوريّ تمهيـداً لرفعِ بنائه من باب التواضـع أو عدم الأهلية -وفق منظورهم القيمي-! أو ربمـا من قبيـل التوجُّس من ضبابيـة المشهد السياسيّ.. فالأسماء الثـوريّة المتمكنة هي الأقدرُ في هذه المرحلة على فهـم الواقع و تداعياته السياسية و الأجندات الدوليـة فضـلاً عن شجاعـة في الطرح و التسويق و الخطاب؛ و لا يُفهـمُ من سياقِ الطـرحِ أنّنا نقيّدُ واسعـاً فنمنـعُ قَبولَ الشخصيـات ذات الحضور المجتمعيّ و قد ثبتتْ على مبادئِهـا و أخلاقيـاتِ تربيتهـا و هي تقيـمُ في عمـقِ حكـمِ عصابة النظام الحاقد فلم تنجرفْ نحو مستنقـع التشبيح و الارتزاق و الإجرام بأبعاده الاجتماعية و الاقتصاديّة و الفكريّة بل نُجِلُّهـم و نحترمهـم و نشرُفُ بوجودهـم في مشروع سوريـة التغيير فهـم أهل البلـد و الشرف و الأصالـة، و لذلك من الحكمـة رفدُ الأسماء الثورية بقائمة من قاماتنـا الوطنية المبدئيـة لتكـون القائمة نسيجاً متكاملاً نقيّـاً؛ و نأخـذَ دورنـا جميعـاً بتحجيـم المتسلِّقيـن المنعطفين تكـويعـاً.

أخبار سورياالمؤتمر السوري الوطنيسوريا