عين عيسى.. واختبار النوايا

غسان الجمعة

على الرغم من استهداف إحدى النقاط الروسية في عين عيسى مؤخرًا، إلا أن مستوى التحشيد العسكري لتحرير المدينة من تنظيم (قسد) بدأ بالتراجع مع الحديث عن سيطرة كاملة للنظام لسوري مدعومًا بقوات روسية على المدينة.

كما تتحدث الأخبار عن الوصول لتفاهمات مع (قسد) بخصوص نشر نقاط عسكرية للنظام السوري على طول M4  وتنظيم دوريات روسية عليه ذهابًا وإيابًا.

الوضع الحالي لا يمكن الاستمرار به على غرار مدينة (منبج)، حيث تداخلت الرايات في المواجهة مع تركيا، وبقي الحال على وضعه داخل المدينة ذات الغالبية العربية والتي تسيطر عليها (قسد).

إن تركيا لديها الكثير من الأوراق لتلعبها مع موسكو، التي بدورها أيضًا تحاول حصار أنقرة على شريطها الحدودي في عمق أقل ممَّا تطالب به تركيا، إلا أن غموض الموقف التركي حتى الآن وعدم وضوحه ينسجم أيضًا مع ضبابية الموقف الأمريكي في هذه المرحلة، حيث تنتظر أنقرة استلام الإدارة الأمريكية الجديدة زمام السلطة فعليًا، حيث من الممكن أن تسحب تركيا أوراقها من على الطاولة الروسية إلى الطاولة الأمريكية، وهو ما يعجب (بايدن) ويخدم سياسته الخارجية في مواجهة روسيا واحتواء تركيا وخصوصًا في الملف السوري.

وروسيا بدورها استطاعت كبح جماح التحرك التركي، إلا أنها لم تحصل على مصالحها من (قسد) التي تراوغ النظام والروس لكسب المزيد من الوقت، كما أن موسكو تحتاج تسجيل موقف أمريكي في الساحة السورية لمعرفة النوايا وأبعاد التحرك العسكري في مواجهة تركيا واستثمار روسيا المتكرر مع (قسد).

لذلك تسعى موسكو للعب الكرة بالملعب الأمريكي، وعلى إثرها لن يقرر الكرملين ما وضع مدينة (عين عيسى) فقط، بل سيبني مخطط تحركه في الملف السوري لفترة قادمة، فأي قرار أمريكي لمصلحة (قسد) أو تركيا هو عمليًا سحب للبساط من تحت الأقدام الروسية.

ومن جهتها (قسد) تشاطر أعداءها رغبتهم بانتظار اللاعب الأمريكي للمراهنة على دعمه ورفضه التدخل التركي، وفي الوقت نفسه مواجهة الروس الذين يتمددون في شرق الفرات بمظلة تركية.

حتى الميليشيات الانفصالية قد تسعى لاتفاق شبيه باتفاق (منبج) إلا أن الحسابات التركية والروسية قد تختلف هذه المرة لاختلاف ظروف الوقائع على الخريطة الجغرافية والسياسية، فتركيا لن ترضى بسياسة الأمر الواقع عبر نقاط (قسد) والأسد المشتركة مع الروس في عملية تخرج بها الأطراف رابحة ضد مواقف أنقرة وتحقيق استثمار روسي بأوراق تركية.

لذلك يمكننا القول: إن الموقف الأمريكي القادم هو نمط لمنهجية التعامل الأمريكي في سورية وترتيب أولوياتها على الساحة السورية، فهل تدفع واشنطن بسيناريو يخلق تحالفات جديدة أم أنها ستسمح للتوافق بالوقوع ما لم يكن النفط هو الموضوع.

 

الرقةتركياروسياسورياعين عيسىغسان الجمعة