غسان الجمعة |
بتبادل الهدايا ومؤتمرين صحفيين لكل منهما على حدة، انتهت القمة التي توقع لها محللون وسياسيون أن تكون شديدة الخلاف في وجهات النظر بين الجانبين حول الملفات المتعلقة بالبلدين، وتلك التي يلعب فيها الطرفان أدوارًا مؤثرة حول العالم، ومنها سورية.
حيث حضر ضمن الوفد الروسي مبعوث الرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف دون أن يحضر أحد من نظرائه الأمريكيين، واكتفى المتحدث باسم الخارجية الأمريكية بوصف المحادثات بين الرئيسين حول سورية بالبنَّاءة.
اقرأ أيضاً: بشار الأسد يتصل بإسرائيل منذ ستة أشهر لهذا السبب!
الإهمال الأمريكي للملف السوري كان واضحًا جدًا في هذه القمة، وباتت المسألة السورية بالنسبة إلى الأمريكيين مسألة إنسانية في سقفها ومطالبات بتطبيق قرارات أممية هي بحاجة معجزات سياسية دون وجود إرادة دولية تقودها واشنطن من أجل أن تطبق.
إن المراهنة على تحميل الموقف الأمريكي فكرة التدخل الحاسم في سورية في التحليلات التي تسبق هكذا لقاءات واجتماعات لا تجد مبرراتها بذواتنا سوى بالعاطفة التي تتحكم بتفكيرنا وتحكم أسلوب علاقتنا في مجتمع دولي تقوده المصلحة والقوة.
حيث إن الولايا ت المتحدة باتت تنظر لسورية من منظورها الخاص القائم على ما هو المقابل، وعلى ماذا سنحصل في حال ضغطنا على بوتين لتحقيق مطالب السوريين أو الوصول إلى تسوية في سورية.
إن هرمية المصلحة الأمريكية في المنطقة تنطلق من قاعدتها بالمنطقة بالحفاظ على إسرائيل، وتوفير مقومات تفوقها، وهذا لا يتم بوجود سورية مستقرة بنظام ديمقراطي حقيقي، كما أن الملف النووي الإيراني والنمو التركي المتسارع ومسألة صفقة إس400 تأتي كأولوية قبل الملف السوري، بحيث يُبنى الموقف الأمريكي على هذه القواعد العريضة وفقًا لمتغيراتها وتطوراتها.
فالمعضلة الروسية بالنسبة إلى المعارضة السورية هي أيضًا شوكة في الخاصرة التركية على الرغم من كل التفاهمات بين الجانبين، إلا أن الوجود التركي دائمًا ما يصطدم بالوجود الروسي أيضًا، وبما أن الرئيس التركي أردوغان أبلغ نظيره الأمريكي بعدم التراجع عن صفقة إس400 مع روسيا، فإن واشنطن ليست مضطرة لتخفيف الضغط عن أنقرة بالملف السوري.
وكذلك فإن الأمر ليس بالأهمية لدى الولايات المتحدة حول تمديد آلية العبور من باب الهوى على الرغم من التصريحات الإعلامية المتعاطفة لضرورة إنقاذ السوريين من خلال هذا المنفذ، وكل ما يدور عن صفقات بين روسيا وأمريكا حول الشراكة على النفط مقابل استمرار تدفق المساعدات هو للاستهلاك الإعلامي، وإن حصل فهو ليس بالمجان، فالأمريكيين لا يقدمون عروضًا أو تنزيلات بمواقفهم السياسية.
لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا
من جانب آخر أظهر الموقف الأمريكي عدم اهتمامه المقابل لاهتمام موسكو بحث الورقة السورية التي كان لافرنتييف حاضرًا من أجلها، وهذا يعني المزيد من ضياع الوقت والمال وفرص الحصول على النفط والغاز، فتعليق الوضع السوري بشكله الحالي ليس بمصلحة روسيا على المدى القريب والبعيد، وهي تعلم أن الأسد حصل على ما يريده من خلال دعمها له، وليس مضطرًا هو اليوم لتقديم تنازلات تمسُّ نظامه مقابل منافع اقتصادية ومالية هي هدف موسكو وحاجتها.