أسبوع على الزلزال، هل انتهى كل شيء؟!

أحمد وديع العبسي

1٬091

مرّ أسبوع كامل على الزلزال الذي ضرب الشمال السوري والجنوب التركي، نحن في اليوم الثامن على الكارثة، هل انتهى كل شيء؟!

بالنسبة لنا مرور الأيام يزيدنا إيلاماً، لم يعد هناك صوت، صار بمقدورنا إحصاء القتلى، وتحضير المقابر للأمل، لم تمتد إلينا سوى أيدينا المثقلة بالفاجعة، اختبرنا خذلان العالم للمرة المئة، ولا جديد، … نحن الضحايا في كل مرة، لا صوت لنا مهما تألمنا، … وكأنما قدرنا هو المأساة، وقدر العالم هو الخذلان والبكاء. لم يعد الأمرّ مهماً، لم نعد نحتاج حتى للتعاطف والدموع، …

في سورية تزلزلت الأرض من تحت أقدامنا، ولكن عزائمنا بقيت صلبة ثابتة لم تتصدع لأنها متصلة بعزيمة الله وقوته، اختبرنا حتى اليوم أصعب أشكال الموت الممكنة، وها نحن قادرون على بعث الحياة من جديد، ما زالنا كالجسد الواحد إذا اشتكت منه حلب تئن لها دمشق وتغيثها دير الزور، وتضمدها إدلب وتسهر حمص على راحتهم جميعاً، ونلتف حول بعضنا في كل هذه الجغرافية الصغيرة لنمسح الجراح ونبعث الدفء ونعلن جولة جديدة في مواجهة تحديات الحياة، لأننا نؤمن أننا الخالدون، سيفنى كل شيء، وسنبقى، سيموت كل شيء، وسنبعث من جديد … الآن وفي القيامة، لن تفنى الذاكرة ولن تتهدم أسوار الحق، ولن نخذل أنفسنا مهما حاول العالم أن يخذلنا.

كان الموت والركام والدمار هو عنوان الأسبوع الأول، اليوم سنستعيد أنفاسنا من جديد، ستبدأ الحياة سيرتها الأولى، سنحاول إغلاق المآتم، وسننشر الضحكات، ونشدّ على أيدي المحتاجين بما لدينا من قوة لكي نجتاز معهم الحزن والكآبة.

سنقسم رغيف خبزنا ولن نجوع، سنشد أوتاد خيامنا ببعضها ولن نبيت في العراء، سنشعل النار فوق حطامنا ولن نسمح للبرد أن يأكل ما تبقى من قلوبنا، سننجو كما فعلنا في كل مرة، فنحن معتادون على النجاة مهما راهن العالم على أن يهزمنا بخذلانه وقسوته.

لم ينتهِ شيء، ربما سيبدأ الآن ما نستطيع إدراكه، مرّت أيام الكارثة، سنخلع عنا الملابس التي ملأها غبار الركام والدمار، سنضمد جراحنا النازفة، سنمسح دموعنا التي أريقت على من فقدانهم من الأحبة والأصدقاء، وسنبدأ بالعمل … لا وقت لدينا للتفكير بالمصيبة، فلحظاتنا في هذه الدنيا أقصر من أن نستهلكها في الحزن والمصائب، وسيرى العالم كلّه أي جيل سيخرج من هذه الأرض، وأي قوة تختزنها سواعدهم وقلوبهم.

سنكون هناك .. على الموعد مع الفجر، ومع كل البدايات الجديدة، لأن مثلنا لا يحترف اسدال الستائر ونسج النهايات، نحن على الخشبة .. وعروضنا لن تنتهي …

هذا وعدنا لأنفسنا ولبلادنا ولأهلنا، والوعود لا تصيبها الزلازل ولا تقدر عليها آلات الحروب، ما زلنا نمتلك القوة، وما زلنا قادرين على الأمل، وما زلنا نتعهد الأحلام الصغيرة ونرعاها بأعيننا بعيداً عن أوهام الاستحالة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط