افتتح الرئيس السوري أحمد الشرع مؤتمر “الحوار الوطني السوري” في قصر الشعب بدمشق، بحضور أكثر من 600 شخصية من مختلف أطياف الشعب السوري، مؤكداً في كلمته أن الثورة السورية أنقذت البلاد من الضياع، لكنها تواجه تحديات كبيرة في مرحلة إعادة بناء الدولة.
الشرع: سوريا لا تقبل القسمة ووحدة السلاح بيد الدولة ضرورة
قال الرئيس الشرع في كلمته إن سوريا تحملت معاناة اقتصادية وسياسية في ظل حكم البعث وآل الأسد، مشيراً إلى أن الثورة جاءت في وقت حرج لتعيد البلاد إلى أهلها. وأضاف: “لا نجيد البكاء على الأطلال، بل نحن أمة العمل، واليوم نجتمع لنحدد مستقبل بلدنا وأمتنا، في مرحلة إعادة بناء الدولة بعد ما لحق بها من خراب ودمار”.
اقرأ أيضاً: تحذير أمريكي من محاولات إيران لإعادة ترسيخ نفوذها في سوريا
وأكد الشرع أن سوريا “لا تقبل القسمة”، وأن احتكار السلاح بيد الدولة ضرورة لحفظ الأمن والسلم الأهلي، مشدداً على أن سوريا “حررت نفسها بنفسها ويليق بها أن تبني نفسها بنفسها”. وأوضح أن إصلاح ما أفسده النظام السابق في البنية الأخلاقية والاجتماعية أولوية ملحة، داعياً إلى عدم استيراد أنظمة سياسية لا تتناسب مع المجتمع السوري.
الشيباني: انتصارنا اليوم هو اجتماعنا كسوريين أحرار
من جانبه، أكد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن سوريا واجهت ظروفاً استثنائية خلال السنوات الماضية، لكن الدبلوماسية الفاعلة نجحت في تعليق بعض العقوبات وتخفيف آثارها. وأضاف: “انتصارنا اليوم في اجتماعنا كسوريين أحرار يمثلون المصالح الوطنية، وسنعمل بعيداً عن أي ضغوط خارجية”.
وأوضح الشيباني أن سوريا ماضية في مسار استعادة دورها الفاعل إقليمياً ودولياً، مشيراً إلى أن الحكومة تعمل على إعادة الإعمار وجذب الاستثمارات، مع استمرار الجهود الدبلوماسية لتعزيز العلاقات مع الدول التي تحترم السيادة السورية.
علوش: الحوار بدأ منذ إسقاط الأسد وسنواصل بناء الدولة الجديدة
رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، ماهر علوش، أكد أن الحوار بين السوريين بدأ فعلياً منذ إسقاط الأسد، موضحاً أن التحضيرات للمؤتمر تضمنت لقاءات موسعة في جميع أنحاء سوريا لضمان تمثيل كافة مكونات المجتمع السوري. وأوضح أن محاور المؤتمر تشمل العدالة الانتقالية، والبناء الدستوري، والإصلاح، والحريات، والاقتصاد، والمجتمع المدني.
وأضاف علوش أن المؤتمر يمثل لحظة مفصلية في تاريخ سوريا ويعكس إيمان الحكومة بأهمية الحوار كوسيلة لبناء المستقبل. وشدد على أن توصيات المؤتمر ستشكل أساساً للإعلان الدستوري وتحديد الهوية الاقتصادية وخطة إصلاح المؤسسات.
تحضيرات شاملة وتمثيل واسع لكل مكونات الشعب
أعلنت اللجنة التحضيرية للمؤتمر أنها نظمت أكثر من 30 لقاءً في مختلف المحافظات السورية، بمشاركة نحو 4000 شخص لضمان تمثيل جميع مكونات المجتمع. كما تلقت اللجنة أكثر من 2200 مداخلة مكتوبة و700 مشاركة مكتوبة أخرى.
وأكد حسن الدغيم، المتحدث باسم اللجنة التحضيرية، أن المؤتمر سيعقد على مدار يومين، مع إمكانية تمديده إذا لزم الأمر، مشدداً على أن الحوار سيكون بين السوريين فقط دون إشراك من دعموا النظام السابق.
مخرجات المؤتمر وخطط المرحلة المقبلة
من المتوقع أن تخرج عن المؤتمر توصيات تُقدَّم للرئيس أحمد الشرع، تشمل تشكيل حكومة انتقالية، وتطوير الدستور، وإصلاح المؤسسات، وتعزيز الحريات والعدالة الانتقالية. وأكدت اللجنة أن المؤتمر ليس فعالية مرحلية، بل بداية لنهج مستدام لحل القضايا الوطنية تدريجياً وبمسؤولية.
فرصة تاريخية لرسم ملامح سوريا المستقبل
في بيانها الأول، شددت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني على أن السوريين أمام فرصة تاريخية لرسم ملامح سوريا المستقبل عبر حوار وطني مسؤول يعزز وحدة السوريين ويؤسس لمرحلة جديدة من التفاهم والتوافق والبناء.
وأكد البيان أن المؤتمر يسعى لمناقشة القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ووضع أسس متينة لمستقبل يقوم على التوافق الوطني والعدالة والإصلاح، مع إشراك جميع أطياف الشعب السوري لضمان تمثيل حقيقي يعكس التنوع المجتمعي والسياسي.
ختام الجلسة الافتتاحية وانطلاق أعمال اللجان
اختُتمت الجلسة الافتتاحية بكلمات من الشخصيات المشاركة، قبل أن تنطلق أعمال اللجان المتخصصة لمناقشة محاور المؤتمر، وسط تفاؤل واسع بتحقيق توافق وطني يمهد لبناء سوريا المستقبل.