العين الإيرانية لن تعلو على الحاجب الروسي في سورية

غسان الجمعة

أوكرانيا
1٬506

لم تعد روسيا التي استنجد بها سليماني من أجل التدخل لإنقاذ النظام السوري نفسها اليوم فالمستنقع الأوكراني الذي تتخبط به روسيا دفعها إلى إعادة ترتيب أولوياتها في سياق الصراع الجيوسياسي مع الناتو، وجاءت حساباتها مختلفة عن الوضع السوري في غزوها لأوكرانيا بالصدام مع الناتو بشكل غير مباشر، وتحولت عمليتها الخاصّة إلى حرب استنزافٍ مفتوحة.

المتغير الذي أفقد روسيا توازنها على الصعيد الدولي سياسياً وعسكرياً انعكس على وضعها في سوريا وسمح لإيران بالتمدد في نطاق الانحسار الروسي، وهو ما ينذر باختلال قواعد التكامل بين الطرفين في أداء الأدوار، وكذلك الاستحواذ على المكتسبات والتحكم بأوراق الضغط.

إلا أن طهران تدرك أن سقف تطلعاتها ما دون الروسي بسبب نقاط تمنح القوة لموسكو على حسابها في الملف السوري بعيداً عن مقاييس تراجعها بالانخراط العسكري والاقتصادي في الساحة السورية، ولأيّ درجة قد تصل بها المعاناة في المستنقع الأوكراني.

فالفراغ العسكري الذي تملؤه إيران محكومٌ بالمظلة الروسية أينما وُجد وبأيّ شكل وذلك من خلال ما توفره قاعدة حميميم من غطاء جوي وتفاهمات عملياتية مع التحالف الدولي الذي يوجه رغم ذلك ضربات جوية لتمركز الميليشيات الإيرانية في البادية الشامية.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

ومن جهة أخرى تضبط موسكو إيقاع الغارات الإسرائيلية وإن كانت لا تمنعها، وهو مكسب بحد ذاته لا يمكن أن تجد طهران بديله، والأمر لا يختلف كثيراً عن التفاهمات العسكرية الروسية التركية بالنسبة للمعارضة السورية لطالما كانت لروسيا الكلمة الفصل من خلال قوتها الجوية ومواقفها السياسية في رسم الخرائط الجديدة ولطهران تجارب فاشلة في صدامها مع المعارضة السورية قبل التدخل الروسي، وهي تدرك بالمحصلة معنى الوجود الروسي البارز في هذا السياق.

وعلى الصعيد السياسي تقود موسكو ملف الحل السياسي السوري عبر مساراته المختلفة وتوظفه في أجندتها على صعيد السياسية الخارجية الروسية مع الدول الغربية وتركيا، في حين تلعب طهران دوراً ثانوياً أو تكاملياً مع المواقف الروسية في هذا الإطار وليس بمقدورها تجاوز المفاوض الروسي على هذه الطاولة مع وجود اتهامات مستمرة بانخراطها غير المشروع في الصراع.

كما يشكل الوجود الروسي صمام أمان للبنية الاجتماعية والسياسية والعسكرية في مناطق النظام السوري، خصوصاً في محافظات الجنوب في درعا والسويداء التي تشهد توترات وظروفاً أمنية خاصة تستطيع روسيا ضبطها أكثر من طهران حيث لا تمتلك حاضنة شعبية فيها، وهي محكومة بمخاوف إسرائيلية وأردنية تضمنها موسكو لهذه الأطراف والأخلال بها قد يولد من جديد انفجاراً يصعب ضبطه.

وفي دائرة أكثر اتساعاً عن مركز تأثرها في علاقة الحلفيين في سوريا تلعب المصالح الاستراتيجية القائمة على مواجهة نفوذ الدول الغربية دوراً هاماً في حفاظ طهران على بيئة مصالح تكاملية وليست تنافسية مع موسكو ليس في سورية وحسب بل لاعتبارات التوازن في مواجهة الدور التركي في الشرق الأوسط وأواسط آسيا والحفاظ على حليف اقتصادي أقل امتثالاً لإملاءات العقوبات الغربية ويمتلك خبرة الصناعات العسكرية والطاقة النووية التي تعتبر أولوية استراتيجية لصانع القرار الإيراني.

 بالإضافة إلى أن روسيا أحد المفاوضين في ملف الاتفاق النووي ويشكل وجودها دعماً وحماية للمطالب الإيرانية على طاولة المفاوضات وفي مجلس الأمن فيما يتعلق بهذا الملف.

تدرك طهران أنها لاعب غير مرغوب به في الملف السوري وتجد في ظل الدب الروسي فسحة لتحقيق مصالحها وليس من الحكمة أن تُقزم من حجم هذا الظل وإن سنحت لها الظروف ولكنها لن تتردد في التمدد خارجه.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط