حسماً للفوضى و تصويباً للمسار..مجلسٌ فكريّ تخصصيّ برعايةِ المفتي العام

ملهم الشريف

0 3٬651

(( مبـادرةُ مَـأسـسَـة الفِـكـــر ))

أثارت -خلال الأيام القليلة الماضية- قضيتان حركتا الشـارعَ الثـوريَّ بمختـلف شرائحِه و مستوياتِه حتى أخذتَا أبعاداً كبيـرةً في أوساطِ مجتمعِنا الثـوريّ ، و كثُـرتْ حولَهما التجاذبـاتُ في المحافلِ الاجتماعيـة الفيزيائية منهـا و عبـر منصّـات التـواصـلِ الاجتمـاعيّ حتى جعلتـا الشـارعَ الثـوريّ يتحـركُ جِـدّيّـاً في صـورةٍ صحيّـةٍ تثبـتُ أنّ ثـورتنـا السـوريـةَ حيـةٌ و أهلُـهـا الحقيقيـون يتابعـون بوعـيّ و يوجِّهـون و يعبِّـرون عن موقفهـم بكـل جرأة … هـاتـان القضيتـان همـا:

• القضيـة الأولـى : الرسـومُ التشخيصيـةُ المسيئةُ لمقـام النبيّ القـدوة -صلّى الله عليه و آله و صحبه و سلـم- الواردة في كتـاب منهـاج السيرة النبـويـة الذي تـمّ توزيعُـه في الشمـال بعـد إعـداده و إقـراره من قبل وزارة التربيـة التركيـة بالتنسيـق مع مركـز الاستشراف للدراسـات .

• القضيـة الثانيـة : الملتقى الذي تـم عقـده في “عفـريـن” تحـت عنوان ( بنـاة السـلام ) برعـايةِ مجلس الكنـائس العالمـيّ الذي قـدمَ طروحـات تسـيء لِـقِيمنـا الدينيـة و الأخـلاقيـة و الثـوريـة الراميـة في المحصلـة وفق منظور استراتيجـي إلى تدميـر الأسـرة المسلمـة و ثوابتِ ديننـا و قيـم ثورتنـا من خـلال التركيـز على المـرأةِ التي هي عمـادُ التربيـةِ الأسـريّة ، و الأبنـاءِ الذين هـم جيـلُ الثورة المنشـود نحـو التغييـر و النهـوض ؛ سيمـا و قـد تضمّـنَ تصميمُ الدعـوة “بروشور الدعوة” خلطـاً للمفاهيـم و إسـاءةً لأعرافِ مجتمعنـا الملتـزم و المرأةِ عمـومـاً من خـلال تسويقٍ لفكـرةٍ تَـظهـرُ جليةً بقـراءةٍ يسيـرةٍ في التصميـم بأنّ حجـابَ المـرأة هـو تقييـدٌ و فـوضـى و ارتبـاك ؛ بينمـا السـفـور و الاختـلاط حريـة و تنظيـم و اتـزان !!!

 

صحيفة أمريكية تكشف عن خلية سرية أمريكية قتلت مدنيين في سورية

• و بعـد هـذا التصـديـر نجـدُ أنفسنـا أمـامَ السـؤال المنـطقـيّ الآتـي :
مـا هـو الحـلُّ الحكيـم في ظـلّ تعـدد الروايـات و الرؤى و وجهـات النـظر و التحليلات …و هـل ستقـفُ الأمور عنـد حـدود هاتيـن القضيتَيـنِ في المستقبـل أم أنّنـا على موعـد مع قضـايـا أُخـرى في حجمهـا أو ربمـا أعقـدَ و أشـدّ وقعـاً – و هـو المـرجّـحُ غالبـاً مـع غيـابِ المشـروع الثوريّ المؤسسـاتي النـاضـج -؟!!

 

 ضـابـط الطـرح :

تأسيـساً على ما سبـق و قبـلَ متابعـة المقـال لعرضِ طرحنـا برؤيتِـه و محـاوره نقفُ معكـم لنحدد “نقطـةَ نظــام” تضبـطُ طـرحَنـا و تضعـه في حـدوده الواقعيـة ، و هـي :
• إنّ شخصنـة أيِّ قضيـةٍ وصـولاً للتشهيـر أوِ الإسقـاط لأشخـاص بعينهـم لن يقـدمَ حـلَّاً حكيمـاً طالمـا و واقـع ثورتنـا يشوبُـه غيـابُ المشـروعِ المؤسساتيّ الناضـج فكـريّـاً و إداريّـاً و رقـابيّـاً – كما أسلفنـا – و بالتالي ستبقـى الأحكـامُ في ظـل هـذه الفوضـى مغلّفـةً بالانفعـال و التسـرُّع ؛ في حيـن أنّ الأمـرَ يحتـاجُ دراسـةً و تحقيـقاً و قدراً كبيـراً مـن التثبُّـتِ من جهـة ثوريّـة رسميـةٍ متخصصـةٍ في هذه القضـايـا الأيديولوجيـة و الفكـريـة و القيميـة الدينيـة و المجتمعيـة ؛ و هـذا ممـا غابَ وجودُه في مؤسسـات ثورتنـا الزاحفـة نحـو المـأسسـة ببـطء شديـد …

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

• لذلك فنحـنُ لسنـا في واردِ إطـلاقِ الأحكـامِ و السيـرِ مـع التوجهـاتِ الداعية للشخصنـة بتنـاول أسماء بعينهـا بصورة انفعـاليـةٍ من غيـر صدورهـا عن جهـةٍ ثـوريـة معتـرفٍ بهـا رسميـاً لهـا نظامُهـا الداخـلـي و آليـاتُ عملهـا و حدود صلاحيتهـا … و لِتجـاوزِ هـذا الواقـع المبعثـر من حـال ثـورتنـا كان هـذا الطـرح الذي سنقـدمـه مفصّـلاً في هذه المبـادرة مخاطبيـن فيهـا سمـاحـةَ المفتي العـام للجمهـوريـة العربيـة السورية الشيـخ العـالم “أسـامـة عبد الكـريـم الرفـاعـيّ – حفظه الله و أيّدَه بالتوفيـق – ” بعـد أنْ أُعيدتَ الأمورُ إلى نصابهـا في خطـوةٍ جريئةٍ واعيـةٍ بإحيـاءِ دور المفتـي العـام لسـوريـة ليكـونَ مرجعيـةً لثـورتنـا السـوريـةِ تجمـعُ أهـلَ الثـورة المصـابرين و تـوجِّـهُ و تصوّبُ و تطلـقُ المشـاريـعَ الفكريةَ و العلميـةَ و التعليميـةَ التربـويـة ، و تتابعُ حال ثورتنـا السورية في كافة مفاصلهـا و تقـدمُ موقفَـهـا الرسـمـيّ في إطـارٍ من الحكمـة و الجرأة و العلـم ..

 

جـوهـرُ المبـادرة :

تقـوم مبادرتنـا على التوصيـف الآتي :
تشكيـل فـريق تخصُّـصيّ لتوجيـه الفكـر و تصويب المنـاهـج المنحـرفـة عن قيـم ديننـا و ثوابـت الثورة السوريـة و التي لا تصـبُّ في جوهـرِ قضيتنـا السورية الراميـة إلى النهـوض و التغييـر و بنـاء جيـل الثـورة المأمـول المتفـاعـلِ مع الثورة السورية بوصفِـهـا “قضيـةً” تسـتـلزمُ العمـلَ و اكتسـابَ مقومـاتِ التغييـر القائمـة على عمـادَي العلـم و الأخـلاق المنتجَـينِ للقـوة ؛ القـوة بأبعـادهـا الفكـريـة و القيميـة و الإبـداعيـة و المـاديّـة … تكـونُ لهـذا الفريق صفـةٌ اعتبـاريّـةٌ ؛ و له صلاحيـاتٌ مستمـدّةٌ من مقـام المفتـي العـام بحيـثُ يكـون هذا الفريـق أشبـهَ بمجلـسٍ دائمِ الانعـقـاد للعمـل و المتابعـة و إصـدارِ التقاريـر و رفعهـا لمكـتب سمـاحة المفتي أسـوةً بالمجلس الإسلامي السـوريّ ؛ و ليكـنْ اسـم المجلس مثـلاً ( مجلـسُ التوجيـه الفكـريّ و إدارة المطبـوعـات ) و تكـونُ لـه هيكلية إدارية و نظام داخلـيّ و معاييـر دقيقـة لاختيـار أعضـائـه ، و يُعتبـرُ مسـؤولاً عن كافـة المناهـج و المطبـوعات التي تنشَـر و كذلك النـدوات و الملتقيات التي تُعقـد و الأفكار التي تُعـرَضُ و المـواد التي تقـدَّم … و بذلك تكون المرجعيـةُ السوريـة مرتبطـةً بشكـل مباشـر مع مقـام المفتي العـام الذي يستطيـعُ جمـعَ السـورييـن تحـتَ مرجعيـةٍ منبثقـة من نسيـج المجتمـع السـوريّ .
– و بالتالي تكون هـذه المرجعيـةُ رأسَ المؤسسـة التي يتفـرعُ عنهــا -مع مبادرتنـا- مجلسان همـا ( المجلس الإسـلامي السوري وَ مجلس التوجيـه الفكـريّ و إدارة المطبوعـات )

 

ميـزَةُ المبـادرة :

تكمـنُ الحاجـةُ لهـذه المبـادرة بوصفهـا ضـرورةً للأسبـاب التـاليـة :
• اولاً : إنهـاءُ حـالة الفوضى الفكريـة و الإيديولوجيـة – على تنوع توجهاتهـا و منابعهـا و خلفياتهـا – في مؤسساتنـا الثوريّـة المترهلـة بعد سنوات من عمـر ثورتنـا تداخـلتْ في شِعـابِـهـا الرؤى و الأفكـار حتى تشوشـتْ عقـولُ العـامـة ، و ظهرتْ تياراتٌ جديدة في زحمـة فوضى الواقـع تدعـو بكـل سفاهـةٍ لأفكار تخالفُ قيمنـا و ثوابتنـا وصلَت بعضُ تلك الطروحـات في الداخـل المحـرر إلى الإلحـاد !!

• ثانيـاً : الخـروجُ من مـأزق المواقـف المحـرجـةِ مـع الحكومـة التركيـة التي تحتضـنُ المجلـس الإسلاميّ السوريّ و المؤسسات الثوريّـة ، و ذلك عندمـا يتم إعلان تشكـيل هذا الفريق التخصُّصي – المجلس – و تـصبح لـه صفة اعتبـاريـة بنظام داخلي و معاييـر يتم التواصـل مع الحكومـة التركيـة -و غيرهـا عند الحاجـة- لِـيصبحَ التنسـيق في كافة المجـالات الفكريـة و التعليمية التربوية و المناهـج عبـرَه فقـط ، و بالتالي يتم قطـعُ الطريق على المراكـز و الهيئـات التي تعمـلُ من ذاتهـا وفقَ رؤى تخـالفُ أهداف ثـورتنـا .

• ثـالثـاً : متـابعـة الواقـع الفكـريّ و التعليمي في مناطق مليشيـات أسـد و ما يثار من أفكار و محاولات حثيثة لتطبيـق المشروع الإيراني الفارسيّ الأيديولوجيّ و ذلك بإعداد دراسات علميـة مبنية على بيانـات و حقائق و مخاطبـة النـاس في منـاطـق أسـد و توجيـهِ رسائـلَ فكـريـة و اجتمـاعيـة مخصّصـة لهـم ليكـونَ مقـامُ المفتـي العـام مفعّـلاً كمـا أُريـدَ لـه حقيقـةً .

 

محـاورُ عمـلِ المجلـس:

• المحـور الأول : الإشـرافُ التـام على كافـة الكتـب و المطبوعـات و المناهـج بحـيثُ لا يصـدرُ أي كتـاب أو منهـاج أو مادة مرئيـةٍ تعليميـةٍ إلا بعـد دراستـه من فريـق المجلس و تصـويـبِ ما يلزم – إن اقتضتِ الحاجـة – ، و عنـدَ إقراره بصورتـه النهـائيـة يتمُّ رفعُ التقرير لسمـاحـة المفتي ليُصـار إلى تذييـلِ المـادة أو المنهـج أو … بختـم الموافقـةِ الصـادرة عن المجلس و سمـاحـة المفتـي للسمـاح بنشرِ الكتاب أو المواد الفكـريـة المطبوعـة و المرئيـة منهـا .
• المحـور الثـانـي : إعـداد دراسـات علميـة أكاديميـة عن المنظمـات و خلفيـاتهـا الفكـريـة و خطهـا الإعـلامـيّ …. التي غزت المحـرر بعمـومـه بأفكارهـا و أيديولوجياتهـا المتنـوعـة و اتخـاذ موقـف محـدد جريء من الهـدامـة منهـا الغريبـةِ عن قيـم و أعـراف مجتمعنـا .

• المحـور الثـالـث : متـابعـةُ المجتمـع السـوريّ و توجيهُه فكـريـاً و قيميـاً و فتـحُ قنـوات للتواصـل المباشـر مـع المجتمـع الثـوريّ و تعـزيز قيـم الثـورة بأبعـادهـا الإستراتيجيـة و إعـادة الزخـم الثوريّ وصـولاً لتحقيـق أهـداف الثـورة و رؤاهـا كمـا أرادهـا شارعنـا الثـوريّ نقيـةً منذ أولِ يـوم ، مـع إحيـاءِ رمـوزِ ثورتنـا الذيـن عملـوا و صـدقوا و استلهـام العزيمـة و الثبات من مواقفهـم و أعمالهـم .

• المحـور الرابـع : إعـداد دراسـات و أبحـاث لقضايـا حادثـة طارئـة تستدعـي البيـان و الإيضـاح ، و نشـرَهـا و عقـد الندوات و الملتقيات في سبيلهـا .
• المحـور الخـامـس : إعـداد المناهـج التعليميـة و التربويـة كهـدف إسـتراتيـجـي يـتمُّ العملُ عليـه و التخطيـطُ لـه برسـمِ معالمِـه و تحـديدِ آليـاتِ تنفيـذه ، و ذلك لأهميـةِ هذه المحـور و ضرورتِـه في بناء الجيـلِ قيميّـاً و وجـدانيّـاً و معـرفيّـاً و رســاليّـاً ، و أثـرِه العمـيق في الاستقرار النفسـيّ المتوازن لشخصيـة أبنـائنـا .

• المحـور السـادس : التشـجيـع و الدعـوة لافتتـاح دور نشـر و ترخيصهـا رسميـاً ؛ و ذلـك تمهيـداً لتأسيس اتحـاد النـاشـريـن في المحـرّر و الذي سيتبـعُ إداريـاً و تنظيميـاً و فكـريـاً للمجلـس كونـه سينبـثـقُ عـن الأخيـر .

 

معـاييـر اختيـارِ أعضـاء المجلـس :

لاختيار أعضـاءِ المجلـس “مجلـس التوجيـه الفـكـريّ و إدارة المطبـوعـات” أهميـةٌ بالغـةٌ إذ بمقـدارِ سلامـةِ الاختيـارِ تسـلمُ النتائـج و يتحـققُ الهـدف من تشكيل المجلـس و نبدأ بنثـرِ نواة المأسسـة العلميـة الحقيقية في مفاصـلِ ثورتنـا … و العكس صحيح ..
لذلك فإنّ أعضـاء المجلـس يجـبُ أنْ يحـزوا المعايير الآتيـة :

• أولاً : الأصـالـة الثـوريـة ؛ أي أنْ يكون ممن ساهـم بفعاليـة منذُ بدايـة الثـورة و قدّم و ضحـى و ثبَـتَ و مـا بدَّلَ ؛ و ليس ممـن التحـقَ بالثورة في مراحـل متأخرة في إطـارِ تحوُّلٍ براغمـاتيّ نفعـيّ شخصيّ قاصـرٍ عن بلوغِ مقامِ النفـع العـام و الدفاعِ عن ثوابتنـا و قيمنـا .
• ثـانيـاً : الأصـالـة الدينيـة الأخـلاقيـة و الاجتمـاعيـة .

• ثـالثـاً : الأكاديميـة بمفهومهـا الواسـع الفكـريّ التوعـوي و المعرفـيّ التخصُّصـيّ المدعـومـة بالمطالعـات و المتابعـات المستمـرة لكل ما يستجـد في الواقـع و العالـم ، ممـن خبـروا مراحـل الثورة و تقلباتهـا و أحسنوا قراءتَهـا و تحـليلَ مواقفِهـا و رجالهـا …

• رابعـاً : التفـرّغُ التـام و إيـلاء المشـروع النصيبَ الأكبـر من الجهـد و الوقت ، و بالتالي لا يكون ملتزمـاً مع جهـة أو مجلس آخر ممـا يحولُ دون سلامة الأداء و وضوح الموقف و الرأي لأنّ العمـل و مسـؤولياته و أعبـاؤه ستكـونُ كبيـرةً .

• هذا مختصرُ مبادرتنـا و دوافعهـا عساهـا تجـدُ عنـد سمـاحـة المفتى الشيـخ “أسـامة الرفـاعـيّ” و فريقـه قَبـولاً … و قد نتبعُـهـا بمقالاتٍ أكثـرَ تفصيـلاً – إذا دعـتِ الحاجـة-.

 

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط