طهران تُفسد سوتشي وتضبط إيقاع العلاقة بين تركيا والأسد

غسان الجمعة

2٬018

خمدت عاصفة التصريحات والتسريبات حول تطبيع العلاقة بين الجمهورية التركية والنظام السوري، وذلك بعد ظهور حجم الفجوة الكبيرة بين الطرفين إذ كان كلٌ منهما في واد بمطالبه، وباتت التصريحات المتبادلة بين الطرفين تأخذ طابعاً تكتيكياً لمراحل مؤقتة من أجل الالتفاف على ضغوطهما الداخلية والخارجية.

“روسيا بوتين” هي صاحبة المصلحة الأولى بتطبيع العلاقة بين النظام السوري وأنقرة لِما تتمتع به من علاقة مع تركيا ونفوذ لدى الأسد، ولكن النظام السوري عارض الرغبة الروسية برفضه التفاوض مع الجانب التركي إلا بتحقيق شروط هي بطبيعتها منفصلة عن واقع الملف السوري سياسياً وعسكرياً وإنسانياً، وبجوهرها تصب في مصلحة إيران وتتماهى مع سياستها في نقاط عديدة.

البرلمان الشبابي خطوة نحو التنظيم والمشاركة السياسية.. هل تنجح؟

حيث تعزز إيران من تواجدها العسكري بعد انشغال روسيا سياسياً وعسكرياً بغزو أوكرانيا والحرب الاقتصادية المفتوحة ضدها مع دول الغرب وليس من مصلحتها أن ينفذ النظام السوري كل ما يتفق عليه بوتين وأردوغان لاسيما وأن هذه التصريحات خرجت بعد لقاء سوتشي الذي عقد بعد أيام من قمة طهران!

في مسلسل تعددت حلقاته بمعزل عن إيران على مدار السنوات السابقة بين الجانبين التركي والروسي إلا أن طهران أفسدت ترتيب سوتشي الأخير من خلال تصريحات وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ويبدو أنها أغلقت صفحة تهميشها في سوتشي برسالة واضحة لشركائها الأستانيين (تركيا، روسيا).

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هناِ

من جانب آخر تنظر طهران إلى حالة التفاهم فيما (لو تمت) بين تركيا والنظام السوري لمحاربة قسد مقابل تسويات مع تركيا وضغوط من خلالها على المعارضة السورية لفرض حل سياسي مع النظام من منظور الاستثمار غير المفيد في جيش وميليشيات هي من تشكل قوامها وإمدادها ودعمها إلى جانب روسيا.

وإذا كان من أهداف تركيا في هذه المرحلة في التفاوض مع النظام السوري الوصول لحزامها الأمني بعد تعذر إطلاق حلولها العسكرية فإن مصالح طهران تتعارض مع أنقرة في شرق الفرات حيث تولي لخطوط مواجهتها مع القوات الأمريكية وقسد على ضفاف الفرات أهمية أكبر من مخاوف أنقرة الأمنية على طول الحدود الشمالية حيث تتصاعد وتيرة الهجمات المتبادلة بين الطرفين الأمريكي والإيراني.

لن تُسقط طهران من يدها ورقة العداء بين النظام السوري وتركيا، وإن كانت تصريحاتها على خلاف ذلك فعودة العلاقات بين الجانبين يضر بمصالحها السياسية والاقتصادية مستقبلاً حتى أن طهران تنسق مع قسد في شمال سورية ضد تركيا وقوات المعارضة السورية في خيار واضح لسلم أولوياتها في صعيد المواجهة على الرغم من أن قوات قسد تواجه إلى جانب القواعد الأمريكية تحركات ميليشيا إيران على الضفة المقابلة لنهر الفرات حيث النفوذ الإيراني الشاسع.

ولهذه اللحظة يمكننا القول: إن أطراف أستانا (روسيا، تركيا، إيران) هم حلفاء ضرورة على الطاولة السورية وباتت اليوم طهران تتصدر هذا المشهد الثلاثي على خلاف السنوات الماضية وإن كانت مصالحها بدفع النظام لتصريحات تخلو من لغة الدبلوماسية في مواجهة التقارب التركي إلا أنها أيضاً أخرجت قسد بطبيعة الحال من عنق الزجاجة كما يقال، وأفسدت لمصلحتها بوادر فرصة نصر سياسي كاد يحققه النظام السوري على المعارضة السورية لو بادر بحسن نية تجاه التصريحات التركية.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط