ذات مساء صيفي صنعت القهوة وجلست على الكرسي بجانب حوض الأزهار، أداعب الأزهار بناظري واستنشق رائحة عطرها، رأيت شيئاً صغيراً يمشي على حافة الحوض ثم توقف قليلاً.. لونه أسود داكن، أخذت الكوب وارتشفت منه الرشفة الأولى، ووضعت الكوب من جديد على حافة الحوض، ليتحرك ذلك الشيء، أنه فرخ عقرب تائه لا يرى أمامه يستشعر من خلال السمع ويلدغ أي شيء يصادفه لحماية نفسه.
بدأت أراقبه سريع في مشيته تسلق إلى غصن الورد ثم سقط وبعدها أكمل زهرة الكاردينا أيضا وقف حائراً كأنه ضائع يبحث عن ذاته، وأنا جالسة دون حراك اراقبه بصمت، استغربت تصرفه حيث حفر بالتراب ثم اتجه نحو كوب القهوة كأنه رآه ليركض نحوه مسرعاً لم أحمل الكوب ولم أقتل العقرب.. اقترب ثم وقف كأنه يتحدث معها، لأجد نفسي داخل ذلك الكوب، أتكلم معه اسأله من أنت!!! وماذا تريد؟؟ ليبكي بصوت عالً جداً إني ابحث عن أمي لقد أضعت طريق، شممت رائحة غريبة قلت في نفسي لعل أمي هناك فمشيت نحو اتجاه الرائحة، حسناً يا صغير العقرب هذا كوب قهوة وانا كنت أشرب القهوة واستغربت ما بدر منك من تصرفات لكن لدي سؤال لك؟؟ كيف أضعت والدتك وطريقك عنها!!؟
طلبت أمي أن نجد طعام وندافع عن انفسنا كي نكون أقوياء فالحياة لا تقبل الضعفاء، لهذا تهت عن طريق منزلي، وفي حال شعرت بالخطر ألدغ كل شيء أجده في طريقي لأبقى على قيد الحياة.
قال الفنجان: ألا تعلم أني مصنوعة من زجاج وداخلي شراب يشربه الإنسان،
العقرب: نحن نلدغ كل شيء حتى وإن كان صلباً لأننا لا نرى بل نتبع احساسنا ولا نخاف إلا من النار،
ما ذنب البشر حتى تضع تبث سمك في داخلي وتقتل من يشرب هذا الكوب؟
الذنب ليس ذنبي فعلي الدفاع عن نفسي!!
ألا تعلم أيها العقرب أنك ستقتل تلك الفتاة بسمّك إن وضعته في هذا الكوب؛ وأنا منذ أن رأيتك لم يطاوعني قلبي لأقتلك، فلا تجازِ الإحسان بالسيئة واترك كوب قهوتي بحال سبيله،
العقرب: حسناً لكن كيف تتحدثين معي وأنت إنسان!!
لا أعلم أيها العقرب ولا تسألني كيف ذلك!!!
اذهب باتجاه اليسار وأكمل طريقك لا يوجد أي عقبة أو شجرة أزهار أمامك وانتبه لنفسك… شكراً لك على إرشادي للطريق الصحيح لكن لا أعدك بأني لن أبث سمي في كوبك،
انتبهي أنت أيضاً لنفسك، فنحن نبث السم حيث حللنا أو صادفنا أي شيء وفي حال فاض فينا السم ولم نجد شيء نلدغ أنفسنا ونموت، سأخبرك بشيء أخر، رائحة القوة رائعة وجذبتني.
نظرت إلى كوب القهوة وابتسمت بسمة سخرية من هذه الحياة.. لقد سلك العقرب طريق آخر تاركاً كوب القهوة لأرتشفه وقد أصبح الجو لطيفاً في أمسية صيفية رائعة.