هادي البحرة: رئيس الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة، انتخب رسمياً في 13 أيلول 2023 لفترة سنتين.
ولد في دمشق عام 1959، تخرج من كلية الهندسة الصناعية في جامعة ولاية ويتشتا الأميركية (Wichita State University) عام 1983، وله خبرات واسعة في تقنيات الاتصالات والإعلام. عمل مديراً تنفيذياً لعدة مؤسسات وشركات سورية وعربية وأسس واحدة من الشركات الكبرى لإنتاج ألعاب وبرامج الكمبيوتر والرسوم المتحركة في مجالات التعليم والثقافة.
وقف البحرة مع الثورة منذ انطلاقها في العام 2011، وانضم إلى ائتلاف المعارضة بعد عملية التوسعة في 30 أيار 2013، حيث اختير ضمن كتلة المستقلين وانتخب سكرتيراً للهيئة السياسية، ثم كُلف بمهمة كبير مفاوضي المعارضة السورية في محادثات جنيف للسلام، ثم انتخب رئيسًا للائتلاف في النصف الثاني من العام 2014 لدورة انتخابية واحدة، ومنذ أواخر العام 2017 انتخب عضواً في هيئة التفاوض السورية كأحد ممثلي الائتلاف فيها، انتخبته هيئة التفاوض السورية بتاريخ 9/10/2019 كرئيس للجنة الدستورية لقوى الثورة والمعارضة.
في البداية يسعدني اللقاء بكم أستاذ هادي، ونأمل أن تكون رئاستكم للائتلاف مليئة بالإنجاز الذي يحقق أهداف السوريين ومصالحهم، المهمة شديدة الصعوبة، والتقدم في السياق السوري محكوم بتعقيدات دولية وإقليمية كبيرة، …
1- مرت خمسة أشهر تقريباً على رئاستكم للائتلاف، كانت مليئة بالمتغيرات الإقليمية، كيف ترون المشهد السوري في ظل ما يدور إقليمياً وعالمياً؟
المشهد السوري من وجهة نظري ما يزال قيد الإقامة الجبرية، بسبب تعنت النظام السوري واستمراره في ارتكاب الجرائم والانتهاكات بحق الشعب السوري، وعدم اكتراثه باستمرار انهيار الاقتصاد ومعاناة السوريين، مستغلًا ازدياد وتفاقم الأزمات الدولية والإقليمية، التي أدت إلى تغير اهتمامات الدول وأولوياتها وفق مدى تأثير تلك الأزمات على امنها الوطني ومصالحها.
هذه التغيرات أثرت على أولية القضية السورية وانتقال تلك الدول من موقع الفاعلة للسعي نحو حل سياسي حاسم، الى موقع إدارة الأزمة لأن معظم الفاعلين في كل تلك الأزمات هم بغالبيتهم نفسهم في الإطار الإقليمي والدولي، لذلك لا بدّ لنا نحن من التحرك وإثارة قضيتنا في كل مكان داخل وخارج سورية بنشاط، من خلال مؤسسات الثورة كافة، وهذا ما نعمل عليه منذ وصولنا للائتلاف.
فقد عقدنا عدد كبير من اللقاءات مع مسؤولين دوليين وإقليميين سواءً في الائتلاف ومع هيئة التفاوض السورية، وقابلنا المبعوث الخاص للأمم المتحدة، وعملنا مع مسؤولين في خارجيات الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة وتركيا وألمانيا وغيرهم من أجل بحث سبل التقدم في الملف السوري وضرورة الضغط الجاد لاستمرار العملية السياسية والتنفيذ الصارم لقرار مجلس الأمن 2254، الذي يحظى بقبول كافة السوريين تقريباً.
تابعونا على صفحتنا الجديدة في فيسبوك من خلال الرابط هنـــــــــــــــــــــــا
ولا بدّ هنا من إدانة القصف الإجرامي المتكرر الذي يمارسه النظام على إدلب وريفها، والمطالبة العاجلة بوضع حد لهذا القصف، والسعي المستمر لتثبيت وقف اطلاق النار، وتقدير قيمة الالتزام بالعقوبات الأمريكية والأوروبية على النظام والشخصيات والمؤسسات ذات الصلة معه التي لها علاقة مباشرة بالجرائم التي يرتكبها بحق الأبرياء، مع استمرار عدم مسها لأي بنود ذات علاقة بالمساعدات الإنسانية والاغاثية.
كما كان لملف العدالة نصيبه أيضًا من خلال الدعوى المشتركة التي اقامتها كلًا من هولندا وكندا ضد النظام في محكمة العدل الدولية، والتي أدت لصدور قرار بحق النظام بخصوص الإجراءات الفورية التي يتوجب ان يتخذها فيما يتعلق بموضوع الدعوى الخاصة بعدم التزامه ببنود معاهدة مناهضة التعذيب، هذا من شأنه التأكيد على عدالة القضية السورية وتعريف العالم بحقيقة النظام المجرم الذي نواجهه.
لكن كنتيجة مما ذكرته فنحن نؤمن بأنه لا يمكن تغيير أولويات المجتمع الدولي ومواقفه تجاه القضية السورية إلا عبر تغيير الواقع السوري، هذه الحقيقة هي أهم مهمة يتوجب علينا جميعًا كسوريين أن نعمل عليها.
2- قلتم في لقاء سابق إنكم لن تستمروا برئاسة اللجنة الدستورية بسبب ضغط العمل في الائتلاف والحاجة إلى التفرغ، وحتى الآن لم يحدث هذا، ما السبب؟
أعمال اللجنة الدستورية متوقفة منذ فترة باتت تقارب العامين، والنظام يبذل أقصى جهوده لعدم تفعيلها، وخلق العراقيل أمام عودتها للانعقاد، كجزء من خطته للقضاء على العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف ودفن القرارات الدولية ذات العلاقة ولا سيما القرارين 2118 و 2254، وكما تعلم أن اللجنة الدستورية تتبع لهيئة التفاوض السورية، التي تتخذ قراراتها وفق أولوياتها التفاوضية وما يخدم تقدمها ومجابهة سياسات الإعاقة التي يتبعها نظام الاجرام.
وبسبب ذلك هي ليست في سلم أولويات عمل الائتلاف او هيئة التفاوض حاليًا، لكن عندما تظهر بوادر إعادة تفعيلها واستعادتها لنشاطها سنجتمع في هيئة التفاوض من أجل اتخاذ القرار المناسب الذي سيكون تشاركياً مع كل الزملاء، وسيتم ذلك بشكل أكيد.
3- ما هو سلّم أولوياتكم في هذه المرحلة
كما ذكرت في اجابتي على السؤال الأول، أهم أولوية لدينا هي تغيير الواقع السوري بما يؤدي الى تغير في السياسات الدولية تؤدي الى رفع تراتبية الملف السوري في قائمة الأزمات الدولية وتدفع الدول نحو سياسات فاعلة لإنجاز الحل السياسي بتطبيق القرار 2254 بشكل كامل وصارم.
وبالتالي فإن الداخل السوري والسوريون هم في سلم الأولويات التي أعمل عليها منذ 5 أشهر، لقد كنت حريصاً على وضع آليات نواصل ولقاءات دورية مع كل الفعاليات السورية المدنية والسياسية، بما فيها منظمات المجتمع المدني والشخصيات المستقلة الفاعلة، داخل سوريا و في تركيا كونها المضيفة لأكبر عدد من السوريين، حتى نتبادل معهم الآراء والخبرات ووجهات النظر من أجل العمل الذي نريد منه بناء سورية المنشودة.
التقيت خلال الفترة الماضية بالمجالس المحلية وغرف التجارة والصناعة وعدد من رجال الأعمال وبمجالس القبائل والعشائر، والمنظمات داخل وخارج سورية في أكثر من ولاية تركية، وبالنقابات والاتحادات الشبابية والجاليات السورية، نحن حريصون على الاستماع وفهم احتياجات السوريين وتطلعاتهم من أجل عمل أكثر جدوى وأكثر مصداقية
العملية السياسية أيضاً هي في سلم أولوياتنا، علينا المحافظة على قرارات مجلس الأمن 2118، 2254، وابقائها على قيد الحياة، ومنع تجاوزها، لأنها الحامل الأساس لتطلعات السوريين وأهداف الثورة في تحقيق العدالة وسيادة القانون والانتقال السياسي لنظام حكم ديمقراطي مبني على التعددية السياسية، وتحقيق دولة المواطنة المتساوية، يحكمها دستور يكفل حريات السوريات والسوريين ويصون كرامتهم الإنسانية، ويضمن حقوقهم، لذلك كل رؤية للحل يجب أن تنطلق من هذه القرارات وتلتزم بها.
اقرأ أيضاً: هاكان فيدان: نظام الأسد لا يملك قراره بيده ولا يشارك بالمباحثات
قضية المعتقلين هي القضية الأهم لدى كل السوريين ونحن نضعها دائماً في أعلى سلم الأولويات نطالب بإحراز تقدم فيها في كل اللقاءات والمحافل الرسمية والدولية، ونؤكد على ضرورة إيجاد حل جذري وعاجل لها، وبكل أسف ما زالت هذه القضية أسيرة لسياسات نظام الاجرام الذي يرفض احراز أي تقدم فيها.
كما انها أسيرة تعطيل تنفيذ القرارات الدولية في مجلس الأمن، لكن علينا مهما كانت مواقفهم أن نبقيها قضيتنا الأولى ونسعى لإطلاق سراح المعتقلين ومعرفة مصير المغيبين قسريًا بشتى السبل الممكنة.
بالإضافة لكل ما سبق نتطلع للتنمية في الشمال السوري، والبدء بخلق نموذج ناجح يمثل سورية الحقيقية في المناطق المحررة عبر تشجيع الاستثمار والعمل على توفير بيئة آمنة ومستقرة نسبياً، والعمل على دعم البنى التحتية والخدمية ومأسسة الإدارات الحكومية في سورية بشكل حقيقي، حيث انه لا بد من دعم إمكانيات الحكومة المؤقتة ومواردها كي تستطيع انجاز تلك الخطط التنموية.
هذا كله من شأنه أن يشرح للعالم وللسوريين كيف نرى سورية وكيف نحلم بها، وكيف بإمكان السوريات والسوريين إدارتها، عندما نحررها كاملة بشكل يصنع النهضة والتنمية والرفاه للمواطنين بكافة مكوناتهم وأطيافهم، دون أي تمييز أو اقصاء.
إن تحقيق تلك المهام الكبيرة تقتضي مشاركة الجميع، مؤسسات ومنظمات وأحزاب وجمعيات ونقابات وأفراد من ذوي الخبرات والقدرات.
4- في كل دورة جديدة للائتلاف يتم الحديث عن إصلاح الائتلاف، بالنسبة لي شخصياً وللكثيرين مثلي لا نعرف تماماً ما هو المقصود بإصلاح الائتلاف، وما هي أصلاً مواضع الخلل فيه، ما هو ظاهر أن الائتلاف يبقى دون إنجازات قيمة في السياق السياسي، ودون قدرة على اتخاذ خطوات ترضي السوريين عموماً، هل لديكم تصور لإصلاح الائتلاف؟
اصلاح الائتلاف يتمثل في زيادة الفعالية، وزيادة التواصل مع الناس، وزيادة الشرعية عبر الإنجاز وتلبية تطلعات السوريين في كل سورية، وهذا ما نسعى إليه، وما نركز عليه في هذه الفترة، والخطوات ستأتي بشكل متلاحق، نحن الآن في الفترة الأولى التي نستعرض فيها الرؤى والاحتياجات لنبدأ بعمل حقيقي، والمراقب لنشاط الائتلاف سيدرك أن تغييراً عميقاً يجري في طريقة التفكير والعمل.
كما نعمل على خلق تماسك أكبر بين كل مؤسسات المعارضة في داخل سورية وخارجها، انطلاقاً من المجالس المحلية والمؤسسات الإدارية والفعاليات الشعبية والنقابية والمنظمات إلى أجهزة الأمن والشرطة والجيش الوطني وصولاً للحكومة والائتلاف وهيئة التفاوض واللجنة الدستورية، عن طريق تكثيف اللقاءات وتبادل الرؤى والخبرات ووجهات النظر وصولاً لوضع الخطط المشتركة التي يكون تنفيذها عبر التشاركية في تحمل الأعباء وتنفيذ المهام، بهذه الطريقة تتكامل نتائج أعمال الجميع وتصب إنجازات متكاملة.
أمّا بالنسبة للسياق السياسي فالمعارضة السورية جزء منه ولا تتحكم به بشكل كامل، نحن نعمل بجد وإيجابية مع الفاعليين الدوليين من أجل تحقيق أي تقدّم ممكن، ولكن الأمور معقدة في هذا السياق وتحتاج منّا الكثير من الصبر، هناك دول كانت فاعلة بالملف السوري وبرغم امكانياتها تضائل دور بعضها وغاب بالكامل دور بعضها الأخر.
نحن كشعب سوري وكمؤسسات تحمل امانة تحقيق تطلعات السوريين التي ثاروا من اجلها، مازلنا صامدين وما زلنا فاعلين بالرغم من جهود بعض الأطراف الدولية والإقليمية لتغييب دور قوى الثورة والمعارضة وبالتالي تغييب الطرف الذي يمثل الشعب، و يواجه نظام مجرم مستبد، يتوجب العمل على إبقاء هذه الثنائية التي يسعى النظام وداعميه على انهاءها، لتغييب مطالب وتطلعات الشعب السوري
خلال الأشهر القليلة القادمة ومن خلال مجموعات العمل التي شكلها وفعلها الائتلاف مع باقي الجهات الفاعلة السورية ستكون عضوية الائتلاف اكثر شمولاً لاسيما في قطاعات الشباب والنساء والمنظمات والنقابات، نريد تمكين المجتمع بقواه الفاعلة والقادرة والمؤمنة بالتغيير نحو الديمقراطية. لن اعد الا بالعمل الجاد نحو تحقيق ذلك بكل ما اوتيت من قدرات.
5- هناك حديث في أوساط أممية ودوليّة عن إعادة بناء البنية الاقتصادية والاجتماعية في سورية، بحيث تكون خطوة لبناء الثقة بين مناطق النفوذ المختلفة من أجل التوصل إلى حلول معقولة في الفترة القادمة، ما تعليقك على هذا الطرح؟
أي خطوة تسهم في تماسك الشعب السوري، وتكون في صالح السوريين لن نتردد في القبول بها، هناك مآسي اقتصادية وإنسانية في مناطقنا وفي المناطق الخاضعة لسلطة النظام، وكل يوم تتفاقم المعاناة لدى السوريين كما تُظهر مؤشرات الأمن الغذائي والفقر.
فسوريا تتجه نحو مجاعة بات الكثيرون يعيشونها الآن، ونحن في الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة معنيون بكل سورية، ورسالتنا في الحرية والعدالة والكرامة والديمقراطية لكل السوريين، وليست للمناطق المحررة فحسب.
ولكن يجب ألا نسمح بأن يُستغل الشعب السوري من أجل تعويم الفئة المجرمة التي تحكمه وتسرقه وهي المسؤول الأول عن إفقاره وعن ما ارتكب من جرائم حرب بحقه، نحتاج معايير تضمن استفادة السوريين وعدم سرقتهم، وسنكون في أعلى درجات التعاون.
وبغض النظر عن مواقف النظام وسياساته المعيقة لأي اجراء يرفع معاناة السوريين، فإننا سنمضي بخطط للنهوض بالمناطق المحررة، والانتقال من دعم السلل الغذائية الى دعم القدرات الإنتاجية.
نريد أن نمنح السوريين خيار البقاء في وطنهم والعودة اليه لمن هجر منهم، هذا حقهم يجب ان نتابع العمل نحو الرقي بالخدمات وخلق فرص العمل والحوكمة الرشيدة في المناطق المحررة.
6- الائتلاف هو مؤسسة تمثل الثورة والمعارضة السورية، حتى لو كان هذا التمثيل رمزياً. في الفترات السابقة تركز خطاب الائتلاف تجاه المناطق المحررة أكثر من غيرها، ومؤخراً اتسع هذا الخطاب ليشمل الحراك في السويداء، ألا ترون أنه يجب أن تكون هناك خطة واضحة من أجل استعادة الخطاب الوطني للائتلاف، بحيث يخاطب السوريين في جميع الجغرافيا السورية، وخارج سورية أيضاً، ويصبح صوتاً دولياً موازياً لخطاب النظام، بحيث يعبر عن كل سورية؟
لقد عبرت عن ذلك بشكل مباشر خلال إجاباتي السابقة، نحن دائماً في الائتلاف مشغولون بهموم السوريين أينما كانوا، ونشعر بالمسؤولية تجاههم، وأنا أتابع بشكل شبه يومي الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها السوريون في كل الجغرافيا السورية.
ونسعى من خلال العمل السياسي والقرارات الدولية إلى إنهاء معاناة السوريين عن طريق إنهاء حكم هذا النظام الذي يعمل على استغلالهم، إن الثورة التي تريد الإطاحة بالاستبداد والتي تمثلها قوى الثورة والمعارضة السورية ومؤسساتها هي ثورة لكل السوريين، ونأمل أن يأتي اليوم الذي نستطيع فيه تقديم خدماتنا لكل السوريين بعد إسقاط النظام واستعادة الحرية، بشكل فعلي وليس بمجرد خطابات وطنية.
لقد مثلت المظاهرات في السويداء استمراراً للثورة السلمية واستمراراً للمطالب المحقّة في العدالة والكرامة والحرية، وأكّدت على أن السوريين لم ولن يستسلموا، وما زالوا قادرين على رفض حكم عصابة الكبتاغون في دمشق، وتأييدنا لهذه المظاهرات ولمطالب أهلنا في السويداء هو جزء من الهمّ الوطني الذي نحمله، والخطاب الوطني الذي يقوم به الائتلاف بشكل مستمر، وتأكيد على أن قضية السوريين واحدة ولا تتجزأ.
7- واحدة من أهم مقومات الاستقرار، هو الاقتصاد، والاقتصاد في سورية عموماً والشمال السوري بشكل خاص ، مرّ أمس مؤتمر الاستثمار، ماهي أهم الأعمال التي يقوم بها الائتلاف من أجل تحسين الواقع الاقتصادي.
هاجسنا الأول هو النهوض بالشمال السوري كما أخبرتك، نريد أن نجعل من المناطق المحررة نموذج لرؤيتنا لسوريا كلها، وأن نحافظ على السوريين داخل سورية آمنة مستقرة، وعملنا في كل المجالات هو من أجل ذلك، لابدّ من ضمان الأمن والأمان والاستقرار من أجل الاقتصاد، ولا بد من خلق بنية تحتية ومؤسسية قوية تشجع المستثمرين، وهذا ما أردنا قوله من خلال المؤتمر الذي اقامته الحكومة المؤقتة، بأننا نعمل على ذلك ونحتاج من أجل ذلك شراكة جميع السوريين، رجال الأعمال والمستثمرين والمنظمات والمؤسسات والفعاليات الاقتصادية والمجالس المحلية و…،
حرصت في الفترة السابقة على اللقاء بالجميع، وعلى إيصال رسالة ضرورة العمل المشترك لإنجاح التجربة، وجاء المؤتمر في هذا السياق. لنشجع السوريين والأجانب حتى على دعم توفير بيئة استثمارية في المناطق المحررة، ولكي نشرح إمكانية ذلك، وهذا ما عمل عليه الزملاء في الحكومة المؤقتة وفي اللجنة التنظيمية للمؤتمر.
نحاول على صعيد موازي أن نؤمن الدعم الدولي والأوروبي ودعم الأشقاء الأتراك للاستثمار في سورية عبر توفير ميزات خاصة للمستثمرين تجعل الإقبال أكبر، من حيث دعم إجراءات سهلة للاستيراد والتصدير، ودعم ما تحتاجه المنشآت الصناعية والتجارية في المناطق المحررة.
كما نعمل مع جميع الشركاء من أجل زيادة كفاءة البنى التحتية والخدمات ولقد حققنا في هذا الصدد تقدماً مهمّاً مع الشركاء المحليين والدوليين، في عدد من الملفات التي تمثل حاجة ملحّة لعدد كبير من السوريين، منها مشاريع تأمين الطاقة الشمسية لمحطات ضخ المياه في الباب واعزاز ومناطق أخرى والتي قامت الحكومة بإنجازها وتدشينها خلال الفترة الماضية وقام بتمويلها صندوق الائتمان لإعادة اعمار سوريا، الذي يمول مشاريع عديدة أخرى مثل مشاريع الأمن الغذائي من خلال دعم مزارعي القمح وشراء المحصول وطحنه لتأمين الطحين للمخابز التي تنشئها الحكومة المؤقتة وبيعه بأسعار مدعومة.
نعمل أيضاً على رؤية جديدة لإدارة المناطق المحررة تجعلنا أكثر استفادة من خبرة الأشقاء الأتراك وفي ذات الوقت أكثر اعتماداً على أنفسنا لكي نطوّر الخبرات المحلية ونستطيع الاعتماد عليها بشكل كامل مستقبلاً. لا بد للسوريين أن يبدؤوا بتحمل مسؤولياتهم للنهوض بالمناطق المحررة وتمكينهم من ذلك.
8- انتهت أمس محادثات أستانا، كيف ترى المخرجات؟
مسار أستانا مسار مهم كمنصة تفاوضية على صعيد خفض التصعيد العسكري، ولعب هذا المسار دوراً حيوياً لضبط العمليات العسكرية بين الدول الثلاثة المشاركة فيه للمحافظة على خفض التصعيد، ومحاولة تحقيق وقف اطلاق نار شامل، كما انه منصة دولية تمثل سورية فيه بطرفيها نظام الاستبداد والاجرام مقابل الشعب المناضل الساعي لاسترداد حقوقه، ولا تتيح للنظام التمثيل المنفرد لسوريا.
إن تحقيق وقف اطلاق النار يمكن أهلنا في المناطق المحررة من ممارسة حياتهم اليومية بأمان، ويعملوا على تنمية وتطوير مناطقهم، وتحريك عجلة الحياة والعمل، وهذا يحتاج بيئة مستقرة نسبياً.
نطالب كل الدول المشاركة في هذا المسار وضع حد لانتهاكات النظام المتكررة لخفض التصعيد، والمساهَمة في دفع العملية السياسية التي تشرف عليها الأمم المتحدة في جنيف وفق المسار الدولي والقرار 2254 (2015).
اقرأ أيضاً: اللجنة العليا تنفي توقيع النظام اتفاق نهائي لتنظيم الحج
9- ملف الحج، هذا الملف يشغل بال السوريين، إلى أين وصلت الأمور؟
هذا الأمر هو قرار سيادي يرجع بشكل رئيسي لرغبة الأشقاء في المملكة العربية السعودية، ونحن نتفهّم رؤيتهم الشاملة للملف السوري، ونعلم الظروف المحيطة والتهديدات التي تتعرض لها منطقتنا.
الزملاء في اللجنة العليا للحج السوري يعملون بكفاءة عالية وهم من اللجان المشهود لها، والتي أدارت هذا الملف بحرفية عالية ونالت عليه الجوائز والتكريم، نأمل أن تستمر اللجنة بعملها في الأعوام القادمة، ومهما كان قرار المملكة فإننا على ثقة بأنها ستكون حريصة على عدم تسييس فريضة الحج وعلى وجود آليات تضمن إمكانية قيام السوريون بكافة مكوناتهم واطيافهم ومناطقهم بأداء هذه الفريضة.
هذا وقد أثبتت المعارضة من خلال ادارتها لملف الحج في الفترة الماضية أنها لا تفرق بين سوري وآخر في هذا الملف ولا في غيره، والعمل مستمر والاتصالات مستمرة من أجل ذلك.
10- كلمة أخيرة للسوريين
ما نريد تحقيقه من تنمية ونموذج لسورية، يحتاج تكاتف الجميع، والعمل من الجميع، والاهتمام من الجميع، وبناء جسور الثقة والتعاون بين المؤسسات الرسمية وغير الرسمية وبين الأفراد، لا يمكن أن يحقق الائتلاف ومؤسسات قوى الثورة والمعارضة كل شيء لوحدهم، ولكن من خلال الثقة والتعاون بين السوريين جميعاً، سيحققون كل شيء، وهذا ما نأمل به في الأيام القادمة، الحرية لسورية وللمعتقلين والنصر القريب للشعب السوري إن شاء الله.