معبر باب الهوى هو المعبر الوحيد الذي سمح مجلس الأمن بدخول المساعدات من خلاله إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية، بعد أن كان دخول المساعدات قبل السنة الأخيرة مسموحًا من معبرين حدوديين لمناطق المعارضة هما (باب السلامة، وباب الهوى).
كل عام في شهر تموز، يجتمع مجلس الأمن، ليناقش تمديد السماح بدخول المساعدات إلى سورية عبر المعابر التي لا تسيطر عليها الحكومة، وحتى العام قبل الماضي كان هناك توافق على تلك المعابر مفتوحة بسبب الحاجة الكبيرة لإيصال المساعدات إلى ملايين النازحين والمهجرين في الشمال السوري نتيجة القصف الذي يقوم به النظام وحلفاؤه الروس، والحملات العسكرية التي تؤدي إلى نزوح الناس وتهجيرهم.
في العام الماضي أبدت روسيا معارضة قوية لترك هذه المعابر مفتوحة، وتمسكت بشكل كبير بضرورة دخول جميع المساعدات من المعابر التي يسيطر عليها النظام، الذي بدوره يقوم بإيصالها إلى مناطق المعارضة حسب زعم روسيا، وذلك من أجل إضفاء شرعية للنظام السوري على المناطق الخارجة عن سيطرته، وتسهيل دخوله إليها عبر الأعمال الإنسانية، ولكي يستفيد النظام والجيش السوري والروس من الجزء الأكبر من المساعدات، فما يصل عادة لمواطنيه في مناطقه هو الفتات، بينما يتم نهب باقي المساعدات لمصلحة الجيش، كما أظهرت العدد من الفيديوهات التي انتشرت للمخازن العسكرية، وبالتالي ما سيصل لمناطق المعارضة سيكون أقل بكثير من الفتات، وستحدث أزمة إنسانية ربما تجبر الناس على العودة لمناطق النظام، حيث سيعاني معظمهم خطر الاعتقال أو القتل، أو التجنيد الإجباري في جيش الأسد.
من المتوقع أن تكون روسيا في هذا العام أكثر تمسكًا بموقفها، لأنها لم تتنازل عنه في العام الماضي إلا بعد مفاوضات صعبة، وبعد أن استطاعت تخفيض عدد المعابر إلى معبر واحد، هو معبر باب الهوى، الذي يعدُّ اليوم المعبر الوحيد الذي تستطيع الأمم المتحدة إدخال مساعداتها لمناطق المعارضة من خلاله بحسب القانون الدولي.
لكن يبدو أنّ هناك تحرك أوروبي حقيقي في مواجهة الروس هذه المرة، فهناك أخبار من مصادر عدّة تفيد بأن الاتحاد الأوروبي يعمل على جعل صناديق التبرعات والمساعدات الخاصة بسورية خارج الأمم المتحدة، عبر إنشاء صناديق مشابهة لها في أوروبا، وبالتالي لن تخضع هذه المساعدات لقرارات مجلس الأمن، مما يجعل روسيا تعيد التفكير في موقفها بشكل جدي، لكن غالبًا لن يكون حجم المساعدات التي ستصل إلى سكان الشمال السوري كما السابق، وفي الوقت نفسه لن تكون بالسوء نفسه إذا ما وصلت عن طريق النظام السوري.
ربما يكون الجانب الإيجابي لخروج قضية المساعدات من مجلس الأمن بوابة لبداية خروج لقضية السورية برمتها من سيطرة الفيتو الروسي الصيني، ومحاولة البحث عن حل لها خارج إطار الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
المدير العام | أحمد وديع العبسي