مستقبل الليرة السورية بعد العقوبات الأمريكية على البنك المركزي

عبد الملك قرة محمد

0 561

 

تعرَّض البنك المركزي السوري التابع لنظام الأسد يوم الثلاثاء الماضي لعقوبات أمريكية إلى جانب تسعة كيانات أخرى ضالعة في دعم النظام السوري وترسيخ سياساته القمعية ضد الشعب السوري.

ما مهام البنك المركزي؟

يشرف البنك المركزي-بحسب مواقع اقتصادية- على السياسة النقدية في البلاد، وإحدى وظائفه الرئيسة إصدار العملة الوطنية التي يمارسها البنك المركزي فقط نيابة عن الحكومة، بالإضافة إلى ذلك ينظم عمليات بنوك القطاع الخاص وشركات الخدمات المالية في الأسواق، ويعمل وكيلًا ضريبيًا ووكيل إيداع للحكومة السورية، كما يتمتع بعلاقات مصرفية عميقة مع إيران.

ومن المفترض أن توقف العقوبات أي شكل من أشكال الحوالات المالية للنظام، ما يجعل هذه الحزمة الأقسى من بين كل الحزم.

 

ما سبب فرض العقوبات الأمريكية على البنك المركزي؟

يؤكد الباحث الاقتصادي الأستاذ (خالد تركاوي) في حوار مع صحيفة (حبر) أن “العقوبات التي فُرضت مؤخرًا هي جزء من قانون (قيصر) وتستهدف البنك المركزي الذي أُعطي من اليوم الأول للتوقيع وقتًا كافيًا ليثبت أنه يخدم الشعب وليس النظام، لكنه آثر أن يُبقى أعماله في سلة النظام وبخدمته رغم أن مبادئ بنوك العالم المركزية تقتضي الاستقلالية والحياد وخدمة أهداف التنمية واستقرار الأسعار وليس تمويل الحرب ضد جزء من الشعب السوري.”

وأضاف (تركاوي) أن “الجزء الآخر ممَّن فُرِض عليهم العقوبات هي شخصيات مرتبطة بأسماء الأسد داخل وخارج سورية وتحاول تسهيل أعمالها.”

وكشف (تركاوي) أن “بعضهم سهَّل وصول لوحة فنية قيمتها 30 مليون دولار أميركي دفع ثمنها بشار هديةً لأسماء وصلت عن طريق أسرتها، تخيل 30 مليون دولار والشعب السوري يحتاج كل ليرة ليبقى على قيد الحياة!”

 

كيف سيتأثر نظام الأسد بالعقوبات على البنك المركزي؟

يؤكد (تركاوي) أن البنك المركزي بحسب الولايات المتحدة الأميركية بمنزلة (غسَّالة) لأموال الأسد القذرة التي تأتي من بيع ممتلكات المهجرين والسيطرة على أراضيهم، وسرقة حقوق السوريين، وكذلك يعدُّ مصدرًا لتمويل عملياته، فالطلعة الجوية العسكرية الوحدة تكلف قرابة عشرة آلاف دولار أميركي، وهذا يعني أنه يقصف الناس بأمواله ويأخذ ما تبقى من أموال عن طريق المركزي السوري ليشتري بها مدفعية وذخائر وطيران.

ونوَّه (تركاوي) إلى أن مطلع العام الجاري شهد توقيع صفقة لشراء طائرات الواحدة منها بعشرين مليون دولار دُفِعت عن طريق البنك المركزي.

وتوقَّع (تركاوي) أن تقيِّد العقوبات من قدرة المركزي على تجميع الأصول الأجنبية، لكن سيمنح المركزي استثناءات خلال الأيام المقبلة (أتوقع خلال أسبوعين) من أجل تمويل صفقات الغذاء والصفقات الطبية وغيرها.

مستقبل الليرة السورية بعد العقوبات

الليرة السورية اليوم في أسوأ أوضاعها، فهي عند حاجز3000 لكل دولار تقريبًا، وهذا رقم كبير، يعني أن قيمتها انخفضت 60 ضعفًا!

لكنها ستستمر بالهبوط بحسب (تركاوي)، فكل المؤشرات تشير إلى أنها ذاهبة نحو انهيارات جديدة، وهذا الأمر خلفه جملة من الأسباب أبرزها استمرار الحرب، وتسخير موارد البلاد لخدمة الحرب، لكن لا شك أن كل حدث يؤثر بقوة على الليرة بحكم ضعفها وهشاشتها وعدم وجود مؤسسة تستطيع الدفاع عنها، وفي حالة فرض عقوبات على المركزي تأثرت الليرة بالتأكيد.

الباحث الاقتصادي خالد تركاوي

الليرة التركية في الشمال السوري. مشكلة أم حل؟

يقول (تركاوي): “مرَّ أقل من خمسة أشهر على تطبيق دخول الليرة التركية، وهذه أيضًا مدة قصيرة لتقييم الأمر، لكن دعنا نأخذ هذا الأسبوع وننظر إلى الأسعار في الشمال السوري ومقارنتها بالأسعار في دمشق، نلاحظ أن ارتفاع الليرة السورية أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية في دمشق، بينما تحسُّن الليرة التركية أدى إلى انخفاض بسيط في أسعار بعض السلع الأساسية، هذا الأمر سيستمر على المدى البعيد وسيظهر بوضوح في الأشهر المقبلة، هذا لا يمنع أن نذكر أن الناس لم تختر الليرة التركية أو الدولار بإرادتها.

ويخلص (تركاوي) إلى أن المشكلة كانت في الليرة السورية التي تفقد كل يوم جزءًا مهمًا من قيمتها وتذهب الأسعار نحو الأعلى، لذا فإن الأمر صعب على الناس في جميع الأحوال.

 

قيصر خلال عام واحد.. هل حقق المأمول؟

يقول (تركاوي): “مضى عام على توقيع قانون قيصر، لكن قرابة ستة أشهر من دخوله حيز التنفيذ ربما لا تكون كافية لتقيمه، ومع هذا فإنه حتى اللحظة منع تعويم النظام وعملية إعادة الإعمار وضيَّق الخناق حول عنق النظام.

ولقد رأينا مستثمرين عربًا وسوريين مترقبين لعملية البدء، إلا أن القانون أحبط أحلامهم، وجانب من رجال الأعمال السوريين والتجار خرجوا من البلاد كونهم فقدوا الأمل بالوضع في سورية، وأخذوا رسالة من القانون أنه ما من حلول قريبة قادمة.

 

وفُرِضت الولايات المتحدة الثلاثاء عقوبات جديدة على نظام الأسد تستهدف البنك المركزي السوري، وأدرجت عددًا من الأفراد والكيانات على القائمة السوداء من بينها البنك المركزي السوري، ممَّا قد يؤدي إلى خنق النظام اقتصاديًا ومنعه من التعامل بالدولار الأمريكي.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط