هندسة جديدة للشرق الأوسط بحلف وليد

علاء العلي

0 854

بعد سنوات عجافٍ مرّت على حرب اليمن التي أعلنت عنها المملكة العربية السّعودية وحليفتها الإمارات، لا يبدو أنّ حزمًا تمّ، بل ارتدّت نيران ميلشيات الحوثيّ المدعومة إيرانيًا على مفاصل القوّة الاقتصاديّة في المملكة، عبر تهديدات متكرّرة أصبحت تستهدف مرافق الدّولة السّعودية، وسط صراع بين الحليفتين على تقاسم كعكة اليمن، وانكفاء ظاهر نحو الدّاخل لاح مع أفول نجم ترامب وصعود الدّيمقراطيّين بزعامة جو بايدن الذي يسعى لكبح دعم المملكة في إطار معركة الحزم، وتبعه عدة دول.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

تهديدات الحوثيّ المتزامنة مع تصريحات الخارجيّة الأمريكيّة بوجهها السّياسي الجديد والمعبّرة عن الانزعاج والدّعوة لإيقاف الهجمات والبدء بالتّفاوض، دفع ساسة المملكة للتفكير باتخاذ تكتيكات تحفظ ماء الوجه، فالتّهديد الحقيقي ما يزال قائمًا على الحدود الجنوبية، والإعلان الإماراتي عن خطة الانسحاب من حرب اليمن تجنّبًا لضغط أمريكي وارد، ترك المملكة بوجه نيران الحوثي العابرة للحدود.

اقرأ أيضاً: أول تصريح رسمي حول نقل بشار الأسد إلى روسيا

توجّه المملكة نحو عدو البارحة، إلى تركيا الصاعدة عسكريًّا والمحمّلة بعبق الانتصارات الأخيرة ، كان خيارًا بات يفكر فيه ساسة المملكة بجدّية، نظرًا لطبيعة اليمن الجبليّة والتّحصينات الحوثيّة، وغياب الخطّة الواضحة والإستراتيجيّة، والتّوجه نحو الأتراك، يعني بالمحصّلة القدرة على التحكّم والسّيطرة بتقنيّات تعجز هذه الميلشيات على مواجهتها وتشلّ قدراتها، وتعني القدرة على استنساخ معارك قره باغ الأذرية ومعارك طرابلس في ليبيا وإدلب السّورية، إذ إن تمرّس القوات الفضائية التّركية على مكافحة وملاحقة التّنظيمات في شمال العراق بمناطقها الجبلية يضفي تفوّقًا وقدرات قادرة على إحداث الفرق.

لكن ماذا يعني التوجّه السعودي نحو تركيا؟!

قراءة هذا التّطور إن تحقّق ضمن السّياق الطّبيعي للدّور الإقليميّ الذي تؤديه تركيا في هندسة الشّرق الأوسط الجديد، إضافة إلى إيران وإسرائيل، وربط الحلفاء الجدد وتحييد البقيّة، سيترك صراعات بينيّة تصعد هنا وهناك، فالتّصريحات الإماراتية الأخيرة حول العمل على إعادة دور سورية للمحافل الدولية والعربية، والرد السّعودي المضادّ، والتفكير جدّيًا بوقف تمويل قسد التي كانت خطوة مناكفة سياسيّة بدافع إماراتي بحت، لا بد أن تصحح بعض المواقف المعيقة لدور تركيا في الشمال السّوري.

ومن جهة أخرى فإن التّقارب المصريّ التّركيّ الذي غُلّف في الفترة الأخيرة بطابع المصالح، لم يأتِ إلا في سياق المحور الوليد، مصر التي تغرّد في سرب المملكة خفّفت حدّة اللهجة ضدّ تركيا، فالزّخم البشريّ المصريّ تنظر إليه المملكة كشقّ رئيس لحسم أي نزاع قد ينشب لاحقًا على الأرض تزامنًا مع تغطية جوّية تركية، استنساخًا للتجربة الإيرانية الروسيّة.

عدا عن كل ما سبق، فإن قضيّة الصحفيّ جمال خاشقجي التي كانت تركيا المسرح الرئيس لتنفيذ عملية الاغتيال، تشكّل عامل ضغط حقيقيّ ومؤذٍ قانونيًّا لوليّ العهد السّعودي، فاستقطاب تركيا لتخفيف حدّة العقوبات الأمريكية التي وعد بها بايدن وهدّد بها بشكل مباشر، عاملٌ إضافيّ يسرع نحو حلحلة تضمن مصالح الجميع، وتفتح أبوابًا جديدةً لتركيا تضمن لعب دور مؤثر.

مخاطر هذا الحلف إن تشكل موجودة، وسيترك حتمًا عدة متغيرات، وسيكون الشمال السّوري ساحة انتقام إيرانية، بالتزامن مع التوجه الإسرائيلي والروسي لدفع إيران للانسحاب من سوريّة، الذّهاب أكثر من ذلك لدعم جماعات قنديل لتنفيذ مخططات تستهدف المصالح التركية بشكل مباشر وغير مباشر، وفي الوقت نفسه تعرّض تركيا لحزمة عقوبات أوروبية أمريكية لثنيها عن تنفيذ هذه العمليات، ولا بدّ من آثار بعيدة الأمر ستترك بصمة إيجابية على القضية السّورية و اليمن و ليبيا و حتى لبنان ، فالمحور سيصطدم مكرهاً  وليس راغباً بمشاكل الشّرق الأوسط التقليديّة .

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط