ظروف الحرب ألقت بظلالها القاتمة على مختلف قطاعات الحياة في سورية لاسيما قطاع التعليم الذي تضرر بشكل بالغ جراء قصف المدارس وقتل الطلاب علاوة على ذلك الفقر المدقع الذي تعانيه الأسر والأهالي، مما جعل الأطفال يدفعون فاتورة باهظة ويتعرضون لشتى أصناف الاستغلال الجسدي والنفسي، ويتهدد مستقبلهم ومستقبل بلدهم على مختلف الأصعدة والمجالات.
وأبرز ما يواجهه قطاع التعليم في مناطق إدلب، نقص الكوادر، وضعف الكفاءات بسبب الهجرة وإضافة إلى حالة عدم الاستقرار المكاني والنفسي للمدرس والطلاب وتوقع وترقب الغارات من الطيران أو القذائف أو في أي وقت وما يرافقها من حالة هلع ورعب حقيقي بين الأطفال حتى المُدرسين والمدرسات والاحتماء بالأقبية إلى حين توقف الغارات كل هذا إضافة إلى حرمان بعض الفصائل المسلحة التي تسيطر على إدلب الأطفال واليافعين من العلم ومحاولتهم نشر الجهل والأفكار المتخلفة والتضييق على المدرسين والطلاب، وحتى المناهج التي لا تتفق مع ما جاؤوا به، كل ذلك كان كافياً لازدياد أعداد الطلاب المتسربين من المدارس، وتوجه الأهالي لمنع أبنائهم من متابعة تحصيلهم العلمي وخاصة الفتيات حوفًا من تعرضهم للأذى وتوجه بعض الأطفال للذهاب إلى العمل لمساعدة الأهل في تأمين قوت يومهم بدلا من الذهاب إلى المدرسة.
أوضحت تقارير صحفية أن أكثر من مليون طفل في سورية غير ملتحقين بالمدارس مما ينذر بتردي مستوى التعليم والأداء عند الأطفال، في حين حذرت منظمات حقوقية ودولية كمنظمة save the children أن الأطفال في سورية يعانون درجات عالية من العنف النفسي والجسدي، وفي إطار هذا الحديث تحدث الأخصائي النفسي وسيم الشيخ عن مشاكل الطفل في الحرب وأثرها نفسيًّا وصحيًّا، مؤكدًا أنه من المحتمل أن يكون الزمن كفيلاً بنسيان الطفل للصور والمشاهد المؤلمة التي رآها أمام عينيه والتي من المستحيل أن يمحى الأثر الذي ستتركه في نفسه وروحه وأن الصدمات تختلف من طفل لآخر ومن مرحلة عمرية لأخرى.
موضحًا أن آثار الحروب والصدمات ستتضح على المدى البعيد، وهذا ما يعرف في الطب النفسي بمصطلح ما بعد الصدمة.
أما على صعيد التعليم، فيبدأ من عدم التركيز في المدرسة والعدائية أحيانا وعدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة علاوة على الخوف وانعدام الشعور بالأمان والبكاء والاستيقاظ ليلا من الكوابيس، وربما ترافق الطفل خاصة في المرحلة الابتدائية تهيؤات إذا لم يكن هنالك وعي من الأهل ومتابعة من اختصاصيين قد تؤدي إلى تفاقم الحالات وربما في بعض الحالات تصل إلى توقف النطق حتى دون سبب عضوي ، إنما بعامل نفسي فضلاً عن إصابة الأطفال واليافعين خاصة بالاكتئاب وحالات فوبيا جديدة عليهم كالخوف من الظلام أو نفور من الاجتماع بالآخرين أو الضجيج .
ولمواجهة هذه الحالات النفسية لدى الأطفال دعا الأخصائي النفسي الشيخ إلى تفعيل التعاون، ووجود آلية عمل متكامل أثناء وبعد الخروج من الصدمة أو من أجواء الصراع والحرب بين الأسرة من جهة، والمختص النفسي والاجتماعي لجلسات دعم نفسي اجتماعي لعلاج الأطفال وبين المؤسسات التربوية والمنظمات الأهلية والدولية ووضع سلسلة برامج مشتركة لمساعدة الأطفال في تخطي أو تجنب المزيد من الآثار السلبية للحرب.
الجدير ذكره أنه قبل الحرب كان جميع الأطفال في سورية تقريبًا مسجلين في المدارس الابتدائية وكانت نسبة التعليم 95% للأعمار ما بين 15 حتى 24 عامًا، أما بعد مرور 7 سنوات على النزاع فهناك الآن نحو ثلاثة ملايين طفل لا يذهبون إلى المدارس، وأضحت سورية في المرتبة الأولى في أقل نسبة تسجيل في المدارس عالميًّا.