أميمة محمد |
يعتمد الأهالي في ريفي إدلب وحماة على الزراعة التي تُعد المورد الرئيس لتحصيل معيشتهم، إلا أنها تراجعت بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة نتيجة تقدم جيش النظام ومليشياته على عدة محاور أبرزها الجنوب والشرق، ما أدى إلى فقدان مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية واضطرار الأهالي للجوء إلى أماكن أكثر أمنًا بعيدًا عن قصف الطيران والمدافع.
(محمد الأسعد) صيدلي زراعي يؤكد لصحيفة (حبر) حجم الخطر الذي يلحق بالفلاحين والأراضي الزراعية بقوله: “تعرض المزارعون لخسائر هائلة هذا العام، نتيجة تركهم لآلاف الهكتارات من الأراضي التي كانوا يستثمرونها ريًا وبعلًا وبعدة محاصيل على مدار العام، حيث تتميز هذه المنطقة بمناخها الملائم وخصوبتها والخبرات العالية التي يتمتع بها الأهالي، فالأرض بحاجة كبيرة للحراثة والرعاية والزراعة بشكل دوري حتى لا تفقد عناصرها الرئيسة.”
ويضيف الأسعد: “موسم الخضروات الشتوية من بطاطا وبصل وقمح في ريفي إدلب وحماة كافٍ لسد احتياجات المنطقة كاملة، لكن مع فرار السكان باتجاه الشمال وعدم قدرتهم على استثمار هذه الأراضي أصبح الأمر كارثيًا فقد ازدادت أسعار السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية لضعف ما كانت عليه من كل عام، وتسبب ذلك بضعف القوة الشرائية لدى المواطنين وازدياد الأمر تعقيدًا.”
انعكاس المشكلة على الأهالي تبرز جلية وخاصة على المزارعين كما هو الحال مع (أم أنس) إحدى المهجرات من سهل الغاب بريف حماة المعيلة الوحيدة لعائلتها المكونة من أربعة أفراد بعد اعتقال النظام لزوجها، أخبرتنا أنها ” كانت تمضي معظم وقتها في الأرض والعناية بالمزروعات التي تسد بها احتياجات أطفالها من خلال تسويق الفائض منها في سوق الهال في المنطقة ولا تضطر إلا لشراء اللحم والخبز” حسب قولها.
(أم أنس) التي تعيش حاليًا نازحة بأحد المخيمات بقرية دير حسان، أوضحت آثار الحملة العسكرية على المزارعين بقولها: “المزارعون أكبر المتضررين في النزوح؛ لأن من يملك مصلحة أو مهنة قام بنقلها إلى مكان نزوحه الجديد، أما المزارع فقد ترك رزقه للجيش.” أضافت بحزن شديد بعد تنهيدة طويلة: “(الأرض عرض) نحن اليوم فقدنا أغلى ما نملك ولم يعد بوسعنا شراء المواد بعد هذا الغلاء الكبير، فإذا أردنا أن نطبخ البطاطا وبجانبها سلطة فإن ذلك يكلف ما يقارب ثمن 2 كيلو من لحم الدجاج.”
وفي ذات السياق يرجع (ابو إسماعيل) أحد أصحاب المحال التجارية في سوق الهال بمدينة إدلب ارتفاع أسعار المواد الغذائية لارتفاع أسعار الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية التي شهدت أكبر انخفاض لها في تاريخها، واستيراد معظم المواد الغذائية من أماكن بعيدة وعدم القدرة على الاكتفاء ذاتياً بعد ترك الأهالي لزراعة الأراضي بالمحاصيل الموسمية وسيطرة النظام على معظمها.”
وقد ارتفعت أسعار السلع أضعافًا عدة في الأسواق، حيث بلغ سعر كيلو الطحين 003 ليرة سورية، وسعر العدس 007 ليرة للكيلو الواحد، والحشائش وصل سعرها إلى 100 ليرة للباقة، في حين وصل سعر البندورة إلى 007 ليرة.
وفي إحصائية لمديرية الزراعة، تقدر مساحة الاراضي الزراعية المحررة سابقًا 00003 ألف هكتار تقسم إلى سليخ ومُشجَّر، منها 00081 هكتار سليخ مروي تزرع بالمحاصيل والخضروات بجميع أنواعها.
وقد قدمت لنا المديرية جدولاً ببعض المساحات المزروعة في إدلب بحسب تقديراتها، يظهر كمية الإنتاج الحالية:
المزروعات | المساحة بالدونم | انتاج الدونم بالطن | الإجمالي |
بطاطا | 16000 | 3 | 64000 |
بصل | 3000 | 7 | 21000 |
ثوم | 1000 | 3 | 3000 |
ملفوف | 1800 | 7 | 12600 |
زهرة | 600 | 3 | 1800 |
لفت | 800 | 5 | 4000 |
جرجير | 100 | 4 | 400 |
سبانخ | 100 | 3 | 300 |
فجل | 100 | 4 | 400 |
بقدونس | 100 | 3.5 | 350 |
وتدعو المديرية لاتخاذ الإجراءات اللازمة بأسرع وقت لدعم الزراعة بالشمال المحرر من خلال إيجاد مناطق زراعية بديلة عن المناطق التي احتلها النظام، ودعم المزارعين فيها بجميع مستلزمات الإنتاج الزراعي حتى يستطيع تعويض النقص قبل حدوثه وتحقيق الأمن الغذائي.
ويلجا أهالي محافظة إدلب لتأمين معظم الخضروات والمواد الغذائية من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، أو من مناطق النظام بعد أن تراجعت الزراعة في المنطقة نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية والقصف الممنهج على المنطقة.