علي سندة |
الضامن كما يتداول السوريون في تفاصيل حياتهم الاجتماعية (عدَّاد) ويقصدون يتكفل بدفع العملة في حال أخل بالاتفاق من كان قد كفله؛ لأنه دقَّ على صدره، وغالبًا ما يكون ذا جاه ومال وشوكة ومنزلة بين أفراد مجتمعه.
لكن المشكلة تكمن إذا كان الضامن غير عدَّاد، خاصة إذا كان الطرف الذي كفله تمَّ أكل حقه أمامه ولم يُحرك ساكنًا! يقول أبو خالد المُهجَّر من ريف حماة: “نحن نعرف أصول دخول الضامن في مسألة ما، من دفع للمال وغيره، حتى إذا طُلب منه أن ينتصر للمستضعف يفعل.” لكن ضامن أبي خالد الحموي لم (يفزع) له عندما قامت عليهم كل الحارات واشتغلت العنتريات وضُرب بالاتفاق عرض الحائط بداعي التقاعس عن تطبيق الاتفاق، يقول أبو خالد وكل جيرانه المتألمين: “الضامن لازم مالو ضعيف ولا قصير حربة” بس الحقيقة أشد وأمَر، وعلى قول أبي خالد، أعانه الله بنزوحه تحت أشجار الزيتون: “ما كل مين وَكلَّ ضامن طلع ضامن، وضامن عن ضامن بفرق يا عين عمك.” يا عمي وضِّح لي كيف يَفرق؟!
خذ مثلاً ما حدث معنا: “بزمانه طالبنا بحقنا من أرضنا وخيراتها وكانت الأمور بين أخذ ورد ندافع ونقاتل لتحصيل حقنا ما استطعنا، فجأة دخلوا جماعة قالوا نحن نضمن لكم عدم الاختلاف مرة أخرى والصلح هو سيد الأحكام وكفى دماء، انفرض علينا ضامن وانفرض عليهم ضامن علمًا أن الطرف الآخر ليس صاحب حق، وبلا طول سيرة بعد سلسلة من المفاوضات كنا نخسر أرضنا وراء كل جولة مفاوضات بيننا! ونحن مالنا خبر بكل ما يحصل، وأمنَّا للضامن لأنه أخ لنا علمًا أنه وكَّل حاله! المشكلة كبرت أكثر وصرنا نُقتل بأشد أنواع الأسلحة من قِبل الضامن الآخر، وضامنّا تحول إلى أبكم أصم، المشكلة ليست بسكوته وعدم قدرته على ضمان عدم قتل نسائنا وأطفالنا وشيوخنا وقصف مساجدنا وانتزاع أرضنا مننا عنوة، يا حبيبي قلبي المشكلة أنه بعد ما صبرنا على ما حدث مع جارنا أبو كاسم وأبو بكري وباقي الجيران يلي استضفناهم سابقًا بعد ما نزحوا بفعل الضامن نفسه لأني حاراتهم كانت ضمن الاتفاق الذي يخص حارتنا، اليوم صرنا كلنَّا نازحين مهجرين هائمين على وجهنا، بل الأشد من هيك ضامنا كل يوم يستعرض عضلاته أنه معه (شبريات) حادة ومطورة وممكن يضرب فيها من الجو..، وأنه ماله قليل أمام باقي الحارات لكن لم يكن كأجداده القدامى، وقصص الفتاوى ودفع الضرر ومن يُفتي له لسلامة نفسه كونه ضعيفًا أمام باقي الضامنين على حساب أرضنا ودمنا كيلا لا يُضحي بمشروعه حكي فاضي والكف لمن سطل يا ابني، ما فائدة الشوكة إن لم تُستغل في نُصرة المظلوم؟! ولا تقل لي مصالح وسياسة؛ لأنه يا حبيبي الضامن تبين لنا آخر المطاف أنه غير قادر يضمن نفسه حتى يضمنا، ولا دافع عننا ولا تركنا ندافع عن حالنا، ولا دعمنا مثل دعم الضامن الآخر لجماعته الذي وعد ونفذ، ولا وضَّح لنا ما يحدث لأنه نفسه يخبط خبط عشواء بين التصريحات والاتصالات من أجل الصلح وكله مكانك راوح، ونحن أرضنا راحت كما سبقها من أرضٍ.
يا ابني خود مني نصية لا تَدخل ضامنًا إذا مالك قادر على الحمل خاصة مع ناس هم أخوة لك كيلا تفقد محبتهم وثقتهم بك؛ لأن السياسة لا يرحمها التاريخ الذي سيقول يومًا ما إن ضامننا من أبناء الفاتح صار بحاجة لفك الحصار عن (الوجاهة) التي أرسلها لتهدئة النفوس، ونحن حاليًّا ندعو لهم أن يخرجوا سالمين وألف خير من الله.”