تعرّض خمسة أطفال سوريون للاعتقال باليونان، بعدما عُثر عليهم يحملون ألعاباً على شكل بنادق بلاستيكية في طريقهم لأداء مسرحية للأطفال.
وحسب ما نقلت صحيفة إندبندنت البريطانية، 3 أكتوبر/تشرين الأول؛ فقد أُلقي القبض على الأولاد الذين تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 16 عاماً “للاشتباه في كونهم أعضاءً بجماعة مُسلّحة”، وتعرّضوا لاحقاً للاحتجاز والضرب وأُجبروا على التعرّي.
وأدانت مُنظمات دولية سلوك الشرطة اليونانية المزعوم؛ حيث اتهمت مُنظمة العفو الدولية الضباط اليونانيين بارتكاب انتهاكٍ لحقوق الإنسان ضد الأطفال، ووصفت المُنظمة ذلك الحادث بأنه “مُثير للقلق”، بينما قالت مُنظمة إنقاذ الطفولة، إن الحادث يعد “تذكيراً بالمخاطر التي يواجهها الأطفال اللاجئون كل يوم في اليونان”.
فالأطفال الذين كان مقرراً لهم أداء عرضٍ عن الصراع السوري بالمركز الثقافي المحلي، كانوا يحملون أزياءهم وبنادقهم البلاستيكية في حقيبة، عندما أُلقي القبض عليهم ظهيرة الثلاثاء 27 سبتمبر/أيلول.
إذ قام أربعة ضباط كانوا يقودون دراجات نارية آنذاك بإيقافهم وتفتيشهم، ثم طلبوا دعم ضُبّاط آخرين.
واصطُحِب الأطفال لاحقاً إلى مركز الشرطة بمدينة أومونويا، مع لاجئَين سوريَّيْن أكبر سناً يبلغ أحدهما من العمر 24 عاماً، والآخر يبلغ 21 عاماً، كانا يسيران في طريقهما إلى المركز الثقافي معالأطفال.
وأدلت مُحامية الأطفال، إلكترا كوترا، بشهادتها عما قاله الأطفال بشأن سوء المعاملة التي تعرّضوا لها خلال احتجازهم؛ إذ قالوا إنهم تعرّضوا للإساءة اللفظية وأُجبروا على خلع ملابسهم من قِبل ضابطين.
فكتبت إلكترا شهادتها الكاملة عبر حسابها بموقع فيسبوك؛ وجاء فيها أن “الأطفال قد أُخذوا إلى غرفة مُنعزلة من قِبل ضابطين شرطة، وهُناك طُلب منهم أن يخلعوا ملابسهم بالكامل”.
وأضافت أنه “عندما رفض اثنان منهما خلع ملابسهم الداخلية، مارس ضباط الشرطة عنفاً بدنياً ضدهم، بعدها استسلم أحدهم وخلع ملابسه، أما الآخر فواصل الرفض، ونتيجة لذلك؛ تم نزع ملابسه بالإجبار”.
وتابعت أن “طفلاً ثالثاً تعرَّض أيضاً لعنف بدني، حيث أُجبر على الركوع بينما كان عارياً، وطُلِب من أربعة آخرين أن يدوروا حول أنفسهم عُراةً أكثر من مرّة، لينال رجال الشرطة فرصة استعراضهم والنظر على نحو جيد إلى أعضائهم التناسلية”.
وقالت أيضاً في شهادتها إن “الطفل الأخير في الصف بدأ في البكاء وفي طلب أمه، ونصحه الآخرون أن يخلع ملابسه كي لا يتعرّض للضرب كذلك، وبعد ذلك طُلب منهم أن يرتدوا ملابسهم مُجدداً وقام الضباط بتصويرهم كل على حدة وكمجموعة، عبر هاتف محمول لأحد الضباط”.
وأضافت “لقد ظلوا محرومين من الحرية لأكثر من ست ساعات، بين بالغين من مُتعاطي المُخدرات ومُجرمين. أما بالنسبة للمياه، فقد نُصِحوا بالشرب مباشرة من مرحاض مركز الشرطة، وهو ما كان مُستحيلاً بسبب القذارة والرائحة، ولم يُسمح لهم باستخدام هواتفهم المحمولة لاستدعاء أولياء أمورهم”.
وبعد الإفراج عن الأطفال؛ قيل إن مُتطوعين سألوا الشرطة عن كيفية الإبلاغ عن الحادث، ولكنهم أُبعِدوا، ولاحقاً عاد الأطفال إلى قسم الشرطة بصحبة ذويهم ومحامية لتقديم دعوى قضائية”.
وبعد إجراء عدد من المقابلات هناك والإحالة لجهات مُختلفة، وهو الأمر الذي قالت إلكترا إنه استغرق عدّة ساعات، قيل لهم إن قسم الأطفال التابع لمديرية الشرطة المركزية سيتولّى القضية.
وقال وزير الأمن العام في اليونان، إن النائب العام قد أُمِر بإجراء تحقيق جنائي في الحادث؛ لكنه قال إنه “لن يتم التسرع في الاستنتاج” في حين أن التحقيق لا يزال جارياً.
وقال في بيان له إنه “منذ اللحظة الأولى؛ تم توجيه الأوامر بإطْلاع النيابة العامة على تفاصيل الحادث، وفي الوقت نفسه بدأت الشرطة في التحقيق التأديبي”.
وأضاف البيان أن “الوزارة تحقق في أي خرق للقانون والقواعد، وكما هو معهود؛ لن تُبدي أي رحمة بشأن أي انتهاك يجري إثباته، ولكنها لن تتعجل في الاستنتاج، في حين أن التحقيق لا يزال جارياً، فقد تسبب الأمر في مفاجأة هائلة، إذ إن المزاعم قد قُبِلت دون مُساءلة قيد التحقيق”.
أما مُنظمة العفو الدولية؛ والتي وثّقت من جانبها العديد من شهادات اللاجئين والمهاجرين التي تزعم سوء معاملة الشرطة اليونانية لهم في السنوات الأخيرة، فقد أدانت السلوك المزعوم، وقالت إنه في حالة كون تلك المزاعم صحيحة، يُحتم على السلطات اليونانية أن تضمن اتخاذ الإجراءات الجنائية والتأديبية على النحو المناسب.
وقال جون داليسن مدير مُنظمة العفو الدولية بأوروبا، إن “العناصر السخيفة لذلك الحادث لا ينبغي أن تصرف النظر عن الادعاءات بالغة الخطورة والمثيرة للقلق في حق الشرطة اليونانية، والتي تُتهم بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان ضد أطفال خلال احتجازهم وأثناء عملية فحص هوياتهم”.
وأضاف أنه “إذا صحّت مزاعم الضرب وسوء المُعاملة، سيتحتم على السلطات اليونانية ضمان اتخاذ الإجراءات الجنائية والتأديبية كما هو مُناسب”.
وتابع أنه “ينبغي عليهم أيضاً النظر فيما إذا كان التنميط العرقي يلعب دوراً في تحفيز هؤلاء الضباط لإلحاق مثل هذه المعاملة السيئة بالأطفال”.
وأدانت مُنظمة إنقاذ الطفولة ذلك الحادث من جانبها، إذ قالت إنه يلقي الضوء على تعرض الأطفال اللاجئين للأذى في اليونان، كما وصفت الظروف الحالية هُناك بأنها “ليست مقبولة”.
ونتيجة الظروف السيئة التي يعيشها اللاجئون في اليونان، بعث أرباب عائلات لاجئة هناك رسالة إلى السلطات تتحدث عن وضعهم المزري، كالعيش مع الفئران والثعابين، وشرب مياه ملوثة تزيد من الأمراض بينهم، ما دفع الحكومة إلى الشروع في نقل لاجئين من جزرها، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2016.
وتتأهب اليونان لنقل آلاف اللاجئين من المخيمات المكتظة على جزرها في بحر إيجه نحو أراضي اليونان الأم، وسط تصاعد التوتر في أوساط المخيمات وتزايد احتجاجات سكان الجزر الغاضبين، حسب تقرير للغارديان البريطانية في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2016.
وقالت الحكومة اليسارية، إن القصّر غير المصحوبين بكبير وإن كبار السن والمرضى، سيكونون من أوائل المنقولين، فيما تتصاعد المخاوف على مستقبل اتفاق أوروبي تركي شهير أبرم للحد من تدفق اللاجئين.
وتجاهد اليونان لتقليل العدد في مخيماتها المكتظة بالمهاجرين على جزرها، رغم تراجع عدد الوافدين بالمقارنة بالعام الماضي، وتضيف الإجراءات البطيئة في تقديم طلبات اللجوء من الإحباط الذي يعانيه المهاجرون وتتسبب في بعض الأحيان في اندلاع أعمال عنف.
وتذكر بيانات حكومية أن أكثر من 13500 مهاجر ولاجئ يقيمون حالياً في خمس جزر يونانية قريبة من تركيا، بينما تقتصر سعتها على 7450 فرداً، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز في سبتمبر/أيلول الماضي.
المصدر:هنفغتون بوست