اليوم ومع بزوغ شمس الصباح في حلب الجريحة، أطلت طائرات الغدر في السماء بدلا من العصافير،
وبلحظة واحدة أصبحت البيوت خرابا، وتبددت خيوط الشمس بدخان اللؤم، وتلونت أشعتها بدماء الأطفال
القانية …
لم تقاوم أجساد الأطفال الغضة الشظايا الحاقدة، فارتقت إلى السماء تشكو إلى بارئها ظلم الطغاة وصمت
البشرية المقيت …
كان هناك بين الزحام طفل يضم أمه الثكلى وينادي “أريد أخي …”
لم يعلم بأنَّ أخاه لن يعود، فقد سئم هذه الحياة وانتقل إلى جنة عرضها كعرض السماوات والأرض …
لقد حزَّ في نفسي هذا النداء “أريد أخي …”
إنَّ فقد الأخ لمن أدهى المصائب،وإنَّ أحدنا ليشد عضده بأخيه.
إنَّ هذا النداء ذهب فيَّ بعيدا،لماذا لا نتعلم من هذا الصبي ؟!لماذا لا نصرخ بأعلى أصواتنا “أين أخي”
لماذا نتفرق ونحن ندرك أننا نحتاج إلى بعضنا؟! لماذا نقصي بعضنا؟! لماذا ننهمش بعضنا؟! لماذا نحطم ما يبنيه إخواننا بدلا من إكماله؟! لماذا نتفرق بدلا من أن نتكاتف ونتعاضد؟
تعال أيها الصبي؛ لتعلم الكبار درسا في (الأخوة) تعال واصرخ في خضم صراعات الكبار، عسى أن
يُحترق صوتك الطفولي آذان قلوبهم، فيحول أرض قلوبهم المليئة بالحقد والأطماع والأهواء إلى أرض خصبة من ربيع الحب والألفة والإخلاص …
تعال ردد “أريد أخي ..” واجعلهم يرددون خلفك هذه المرة … (أريد أخي ..)
قلت: لا بأس من أن نتعلم من صغارنا ولو لمرة … فهم الذين لم يدنس فكرهم برجس الطغاة، وهم الذين
تشربوا الشجاعة منذ الصغر، فقد ترعرعوا في ظلِّ شجرة الحرية،وما أصغوا لشعارات الهزل والذل، وإنَّما وعت آذانهم صيحات الحرية، فقطفوا منها، فكانوا ثمرا جنيا لها …
صغيري: صراخك لن يعيد لك أخاك … ولكنَّه قد يعيد لنا وحدتنا، اسمح لي أن أقف لك وقفة إجلال أيُّها
المعلم الصغير ….
عبد الله درويش