تقرير: عكيد جولي -الحسكة
ليس غريباً على الشعب السوري أن يعاني أزمات عدة سواءً أكانت أزمة غذاء أم كهرباء أو أزمة مياه، فالحروب دوماً تصحبها مجاعات و أوبئة مختلفة، لكن اللافت في الأمر هذه المرّة وجود أزمة خبز في بلاد القمح، ونقصد هنا بالتأكيد محافظة الحسكة الغنية بالزراعة والمواد الزراعية، فقد وصل إنتاجها من القمح في عام 2009 إلى 30,6 % من إجمالي الناتج المحلي حسب مصادر حكومية لصحيفة تشرين الموالية للنظام السوري و 199 طن من الطحين يوزع على أفران الحسكة عام 2006 لكن كل تلك الأرقام لم تشكل شيئاً ولم تحسّن ولو بنسبة ضئيلة حاجة الناس من مادة الخبز، فطوابير الانتظار أمام المخابز والأفران تشكل مشهداً يومياً هنا في الحسكة، والوقوف لأكثر من ساعتين في هذه الطوابير أصبح واقعاً يومياً.
وفي هذا السياق يحدّثنا أبو أحمد (46 سنة) من سكان مدينة عامودا عن ذلك فيقول ” أعمل في محل حدادة وكل يوم أخصص أكثر من ساعة ونصف الساعة من وقتي للوقوف بانتظار الخبز، فأزمة الأفران لا حل لها باعتقادي، رغم كل الأراضي الزراعية في المنطقة نقف ونتحسر على رغيف خبز، فأحياناً أترك عملي في المحل لأذهب وأحصل على الخبز”.
وبالحديث عن المسؤولين فإنَّ المهندس عبد الحليم خليل مدير مطحنة الحسكة كان قد صرّح لوكالة سانا المقربة من النظام السوري بقوله “ما يقارب 199طن من الطحين يوزَّع على مخابز وأفران الحسكة,80 طن من مطحنة الحسكة و100 طن من المطحنتين الخاصتين المتعاقدتين مع الحكومة، مطحنة الخابور 800 طن و 20 طن من مطحنة الإخلاص ويوزَّع الطحين على مخابز المحافظة بشكلٍ منظّم وفق ما يلي:
مخبز آذار الآلي يخصص له يومياً 36 طن ومخبز الباسل 17 طن، مخبز الحسكة الأوّل 8 طن و17 طن مخبز نيسان، أما الباقي 111 طن يوزّع على الأفران الخاصة في المدينة البالغ عددها 222 فرناً خاصاً”.
غير أنَّ الأزمة الحالية تشير إلى نقصٍ كبير في مادة الخبز ما جعل الناس يتوجهون أحياناً لشراء الطحين وتخزينها في منازلهم خشية فقدان المادة من الأسواق، فقد أصبحت أزمة الخبز تشكل هاجساً في حياة الناس في الحسكة، وما زاد الأمر تعقيداً في شهر تموز الحالي، هو القرار الحكومي الذي أوقف إمداد الأفران الخاصة بمادة الطحين، ما أجبر أصحاب هذه الأفران إلى شراء الطحين من المطاحن الخاصة بأسعار مرتفعة.
وعن هذا الموضوع أكد أبو مازن صاحب أحد هذه الأفران لـ صحيفة حبر السورية بقوله “الأفران الخاصة كانت تحصل على كيس طحين بـ 2600 ل.س أي سعر الكيلو 520 ليرة، وفق الترخيص الممنوح للفرن، وهذا التمويل كان من المطاحن الحكومية، وبذلك كنا نبيع رغيف خبز بـ 20 ل.س، أما الآن فقد توقفت المطاحن الحكومية عن تزويد الأفران، فاضطررنا إلى شراء كيس طحين بـ 7000 ل.س ما رفع سعر الرغيف إلى 50 ل.س وشكّل عبئاً إضافياً على الناس.
هذه هي المحصلة دوماً، الفقراء هم وحدهم المتضررون، فارتفاع سعر الرغيف إلى هذا السعر جعلت الأوضاع مأساوية بكل معنى الكلمة، فالواقع المعيشي المتدهور ما كان يحتمل مثل هذه الأزمة، وهنا الكل يتساءل سؤالاً مشروعاً وملغوماً…
“أين يذهب قمحنا؟؟!!” ليبقى الحال بلا آمال، فإذا كانت الحسرة في منطقتنا الغنية بالقمح على كسرة خبز، فكيف الحال بالآخرين في باقي المناطق؟! أسئلة لا تلقى آذاناً صاغية من قبل القائمين على أمور البلاد والعباد، فإنك قد أسمعت إذ ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي.