بقلم غسان دنوتعدُّ آخر مدينة تحررت من بطش النظام، وأكثر مدينة شبَّحت لأجله، وأكثر مدينة تحكمها المصالح والغايات الشخصية. ثم أكبر مدينة ثورية قلباً وقالباً .رغم أنَّها ثاني أهم مدينة من ناحية الثراء المادي والعمراني، ولكنَّها الآن من أكثر المدن المدمرة والأكثر خطراً للعيش، ليس فقط بسبب بطش النظام ولكن ايضاً من ناحية بطش الفصائل العسكرية التي تحكمها.ففي حلب تُغتال الكلمة الحرة ومن يعترض، ليرحَّل (لبرا) و إياك ثمَّ إياك أن تتجاوز عشرات الخطوط الحمراء التي تمسُّ كراسي القادة و محاكم وسجون على غير العادة.تعالوا لنبحث سوية في الأقبية السرية التي تخصُّ لواء فلان أو علان، سنجد عشرات وربَّما مئات المعتقلين لأشهر وسنين. في زنزانات يملؤها خوف وأنين تكاد لا تعرف صاحبها.ففي حلب وحدها ضاعت القضية وعلا صوت البندقية، بندقية وُجهت بادئ الأمر نحو نظام عاهر فاجر، وسرعان ما انحرفت نحو شعب ثائر بات حائرا بقائد فاجر لألوية منوعة لا يحكمها شرعَ و إنَّما إمَّعه تختبئ خلف أقنعه، إنَّهم مجرمون مسيسون، بلجام قائدهم ملزمون، لا يتحاورون.وأسهل أمر لديهم اذهب إلى السجن أيُّها الشبيح الداعشي المجنون. طبعاً دون أن نعمم على الجميع فدائماً هناك من يدخل رحمة الله .وقبل أن تفهم تهمتك تجدُ نفسك مرمياً بأقبية السجون، وعناصرهم كلَّ أنواع الخطيئة يمارسون، فسلطان قاداتهم أقوى من صوتك المدفون، فلا تصرخ ولا تكتب ولا تناقش، فأنت لا تفقه شيئا ممَّا يفقهون.هؤلاء هم فراعنة العصر، ملوك الطوائف، طغاة حيث يسيطرون، قطاعاتهم غدت دويلات والشعب ذاق بها الويلات، قصف وجوع وبرد، وقاداتٌ يمرحون ويلعبون، يتوعدون ويزمجرون ويهددون هذا وذاك، ينذرون دون أن ينفذوا، ويشرعون ألف قانون ليحافظوا على كراسيهم.ربَّما نسيء هؤلاء الشعب السوري من يكون، وغرَّهم دولار أوباما حتى باتوا يتبجحون دونما ملامة.يا ليت قومي يعلمون .. والسلام