بقلم إيمان شعبانغابت الحقيقة وحلَّ مكانها وهم، وتردّى الناس في وهاده وغدوا على نزاع متأهبين، وراح كلٌّ يحول وهمه إلى حقيقة مدعاة، وينادي بها أساساً للجميع، ولم يعد يقبل التنبيه أو إعادة النظر، فالنظر لديه محسوم لصالح ما يقول ويفعل ويقرر ويخطط، وهو وحده الصائب المصيب ولا سواه.أناديهم على البعد: أن يا هؤلاء استيقظوا من سبات الوهم وأفيقوا من غفلته.. ولكنهم يصرون على الحنث العظيم.السياسي في ميدان السياسة واحد ولا أحد سواه ولا يقبله! وكذلك الاقتصادي والمتدين وكذلك كل أصناف المجتمع.لقد صار الوهم حقيقة وزاد الوهم صاحبه غروراً وجعله يظن بل يعتقد أن الحقيقة رهينة تصرفاته فحسب، ولا علاقة لها بسواه.وملف سرقة الحقيقة (الحقة) سُجِّلَ ضد مجهول ورُمي بين آلاف الملفات التي حُكم عليها بالسجن المؤبد في سجن مجهول المكان، ويفكر بعض الناس في محو آثاره، ولكنَّ الإنسان هو ذاته صاحب العفو إن أراد فليفكَّ الأغلال عن عقله وفكره وحريته وأريحيته.وهذا القرار لم يزل ثقيلاً على إنساننا اليوم بشكل عام وعلى إنساننا العربي بشكل خاص لأن الفداء والتضحية اللازمين بعيدا المنال وغائبان عنا، فهل من سبيل يا أمتي إلى إعادة الملف، والبحث عن السارق في كل منا؟ وفي داخل كل مؤسسة من مؤسسات مجتمعاتنا، لاسيما التعليمية والتثقيفية والإعلامية منها؟!ولنغنِّ -ونحن نبحث- أغنية موجوعة تدفع إلى البحث لا إلى الدِّعة والاعتزاز بحروف التاريخ وأوجع أغنية: أن تلامس كلماتها المتهمة (أنا، نحن)،لا (هوـ هي ـ هم ـ هن)، ولا (أنتَ، أنتِ، أنتم، أنتنّ).ألا ليتَ الحقيقة تعود يوماً، وآمل أن تنفع (ليت).