بقلم محمد المحمود
واقع صعب ومرير ومعاناة يعيشها المواطن الحلبي بسبب انقطاع الكهرباء، فعندما نفقد أي شيء نفكر في البديل، وبديل الكهرباء هو “الأمبير”.
الأمبيرات أزمة جديدة تضاف إلى معاناة المواطن الحلبي، فمنذ اندلاع الحرب وبداية الثورة السورية في حلب والكهرباء النظامية مقطوعة إلا في بعض الأوقات التي تأتي فيها لساعات قليلة ثم تعود للانقطاع، هذا الانقطاع بسبب الأعطال التي تنجم عن النزاعات والاشتباكات التي تدور بين الأطراف المقاتلة على الأرض، كالثوار والنظام وغيرها قرب محطات توليد الكهرباء، وأيضا السبب الآخر هو القصف العشوائي الممنهج من قبل طيران الأسد والطيران الروسي الذي يقوم باستهداف محطات التوليد ممّا يسبب الأعطال وقطع في كابلات التوصيل.
الإدارة العامة للخدمات تسعى دائماً لإصلاح هذه الأعطال، ولكنها تواجه صعوبات وعوائق شتّى، كعدم وقف إطلاق النار لكي يدخل العمال إلى محطة التوليد، أو في بعض الأحيان يقوم أحد الأطراف بمنع العمال من الدخول.
ولكن من ضروريات الحياة وجود الكهرباء وخصوصاً بعد انقطاعها الدائم والطويل، فقام أهل حلب بإقامة مشاريع توليد الكهرباء عن طريق المولدات التي تعمل على المازوت وبيع الأمبيرات.
ولكن استعمال الأمبير عوضاً عن تغذية الكهرباء النظامية خففّ من وطأة تدهور الشبكة الكهربائية من جهة، وفي نفس الوقت أثقل كاهل المواطنين من جهة أخرى من حيث دفع الفاتورة الأسبوعية.
وفي لقاء لصحيفة حبر مع أحد المواطنين الذي يعتمدون على الأمبير قال: “اضطررت لشراء الأمبير بسعر باهظ الثمن، لكن وجود الكهرباء خير من عدمها، فعلى الرغم من أنَّ السعر باهظ الثمن بالنسبة إلى الكهرباء النظامية إلا أنَّه يفي بالغرض إلى حدٍ ما لتشغيل التلفاز وإنارة المنزل، ولو أردت تشغيل البراد يتوجب عليّ أن أشتري أمبيرين، وذلك لحفظ الطعام من العطب وشرب ماء بارد في هذا الحر الشديد، وكل ذلك له ثمنه الذي لا يقوى عليه الكثيرون”.
بعد البحث اكتشفنا بأنَّ هناك مواطنين يقومون بدفع ثلث مرتبهم شهرياً للأمبير، وذلك لأنَّ سعر الأمبير الواحد في الأسبوع 1800 ليرة سورية وتضاف عليها 700 ليرة للغسيل وتشغيل البئر لتأمين المياه غير الصالحة للشرب فيصبح المبلغ المدفوع 2500 ليرة في الأسبوع و10000 بالشهر.
وفي لقاء آخر مع أحد أصحاب المولدات قمنا بسؤاله عن سبب سعر الأمبير الباهظ فقال: “السعر الغالي ما هو إلا نتيجة غلاء المواد كالمحروقات والزيت؛ فإنَّ قطع الطريق يسبب ارتفاع سعر المازوت، وأيضاً هذا المازوت الذي نستخدمه ليس بنفس جودة المازوت الذي تقوم بتكريره الدولة، فإنَّه يسبب أعطالاً كثيرة للمولدة ممَّا جعلنا نضطر لرفع سعر الأمبير”.
وبحسب دراسة قمنا بإجرائها على إحدى المولدات حصلت على التالي:
المولدة التي تعطي 200 أمبير، وسعر الأمبير 1800 وهي تستهلك بالساعة 13 لتر مازوت وتعمل المولدة 9 ساعات يومياً وتصل ساعات العمل إلى 63 ساعة أسبوعياً واستهلاك 819 لتر من المازوت أي ما يقارب 4 براميل، وسعر البرميل 57 ألف ليرة.
فقمت بحساب مبلغ الموارد وهو 360 ألف أسبوعياً، ويضاف إليها تقريبا 25 ألف ليرة من تشغيل آبار المياه ليصبح المبلغ الكامل 385 ألف أسبوعيا.
أما بالنسبة إلى المبلغ المدفوع أسبوعيا 215 ألف تقريباً سعر المازوت ويضاف إليها 10 آلاف ثمن الزيت ليصبح المبلغ 225 ألف.
بالتالي يصبح المبلغ الصافي لصاحب المولدة هو 160 ألف ليرة.
هذا بالنسبة إلى المولدة التي تملك استطاعة تخريج 200 أمبير، فكيف بتلك المولدات التي تخرّج 600 أو 1000 أمبير، فهي لا شكّ بأنَّ العائدات المالية ستكون بأرقام فلكية قياساً بالتكلفة الحقيقة لها، وقياساً مع دخل المواطن الذي لا يتناسب معه إطلاقاً في استجرار دائم لجيبه المثقوب.
إنَّه مبلغ كبير بعض الشيء، فلو أنَّ هناك لجنة رقابة لأصبح الوضع أفضل بالنسبة إلى المواطن من حيث تخفيض سعر الأمبير أو زيادة ساعات التشغيل.