بقلم : أبو أسامة لا أدري من أي باب أدخل إلى موضوعي، فكلما ولجت باباً رأيت أمامي طرقاً متفرعة، وعلى رأس كل طريق ألف مشكلة، وكأن حياتنا اليوم أصبحت متاهات يضيع فيها العاقل ويصبح فيها العاقل حيران. فقررت أن أجلس معكم على البساط الأحمدي، إن سمح لي الإخوة في حبر.ربما رأيتم في حياتكم شخصاً يقف أمام الطيور ويوهمها أنه يلقي فتات الخبز لها فتقترب منه ويصيدها، وربما وقعتم في مصيدة السراب الذي يوهمكم بأنه ماء من بعيد حتى إذا اقتربتم منه انقض عليكم العطش والحر، وربما رأيتم الحرام الذي يقدم في صناديق جميلة تلف بأوراق ملونة وأشرطة براقة.رأيت اليوم كل هذا في طفل صغير يحمل في يده سيكارة، أسرعت إليه أؤنبه فصعقت عندما تبين لي أنه يحمل حلوى صنعت على شكل سيكارة، ولقد رأيت ما هو أفظع؛ حلوى على شكل الحبوب المخدرة التي يتعاطاها المدمنون، فمن هذا الذي يتجرأ على صنع هذه الأشياء وتقديمها إلى الاطفال؟! ألم يعلم منتجها أنها ترسخ في نفس الطفل الحرام قبل أن يشب وتدعوه الى الانحراف؟كنا في الماضي نعلق (غسيلنا الوسخ) على النظام البائد، ونرد سلبياتنا إليه لنخرج بأجمل صورة مع الإشارة إلى أنه كان يحارب بعض المنتجات المضرة بالطفولة، فماذا نفعل اليوم؟ إلى أين نوجه أصابع الاتهام وإلى من نشتكي؟ هل نشتكي إلى الجيش الحر الذي تكاد تكون السيكارة شعاراً له؟ أم الى الحكومة التي تحضر باسمها وتغيب بفعلها؟ أم إلى الهيئات الشرعية التي لا ترى أمامها غير الضعفاء؟؟فيا أيها التربويون في سورية، أيها الآباء والمعلمون لا تستغربوا من اطفالكم إن تحولوا فجأة إلى ذئاب، وإن سلكوا طريق الحرام، وكفروا بدينهم، وأخلاقهم ، لا تسألوا عن السبب… فإنها تربيتكم. وماذا كنتم تنتظرون غير هذا وقد تركتم أبناءكم في الشوارع، ولم تهتوا بما يشترون ومن يصاحبون ولم تشتكوا على من يروج لمثل هذه المنتجات المجرمة، ماذا ينفعكم في ذلك؟لقد رأى أعداؤنا أنهم لن يستطيعوا أن يحموابنا إلا إذا بدؤوا من الأطفال فتوجهوا إليهم عن طريق الفاسدين منا والجهلة الأغبياء، توجهوا إليهم وأهملناهم، شدوهم إليهم ونفرناهم، فما هي النتيجة؟لقد كان الصحابة يحفظون الله في أبنائهم ويحسنون تربيتهم فتخرج الذرية طيبة صالحة ترعى الحقوق وتؤدي الواجبات.فماذا نرتجي من أطفال شبوا والسجائر في أفواههم وعلب المخدرات في جيوبهم ؟