غسان دنو |
لم تعد اللغة الإنكليزية في الشمال السوري متصدرة سلم اللغات الأجنبية التي يجب على الطالب تعلمها إلى جانب لغته الأم كما كان سابقًا في سورية قبل 2011، إذ إن الواقع السياسي فرض نفسه بباقي القطاعات، لا سيما التعليم.
وفي ظل وجود الدولة التركية بمعظم مكوناتها في الشمال السوري، صار محتمًا على الطالب السوري إتقان اللغة التركية للانخراط بالجامعات التركية محليًا (الشمال المحرر)، ودوليًا (تركيا) ليتمكن من دخول أسواق العمل.
(صحيفة حبر) سألت عينة من الطلاب والعاملين بتدريس اللغة التركية، ما الأهم حاليًا ومستقبلًا تعلم اللغة الإنكليزية أم التركية؟
الطالبة في معهد اللغة التابع لجامعة إدلب (مجدل باكير) 19 عامًا في السنة الثانية تدرس اللغة التركية وآدابها أجابتنا عن سبب اختيارها بقولها: “بشكلٍ عام أحب اللغات وخاصة اللغة التركية، واخترتها عن محبة حين تم إدراجها في جامعة إدلب، ومجموعي في الثانوية العامة أتاح لي التسجيل في كافة الاختصاصات الأدبية، لكن فضلت اللغة التركية كوني أشعر أنها لغة قريبة من العربية، وفي الشمال السوري نتكلم الكثير من الكلمات التركية، ويوجد تاريخ مشترك بيننا وبين الأتراك.”
وعن رأيها هل تعلم الإنكليزية أولى أم التركية، أجابت: “تعلم أي لغة حالة صحية وضرورية، لكن حتى الآن لا يمكن أن تكون اللغة التركية بديلاً عن الإنكليزية كون الأخيرة لغة العلم الحديث والتطور وعالمية، لكن تعلم التركية مهم خاصة في هذه المرحلة والمراحل القادمة؛ لأن تركيا دولة جارة وهي مهمة إقليميًا وعالميًا.”
هل يمكن أن تكون فائدة اللغة التركية مؤقتة في حال استقر الوضع في سورية على أي شكل كان مستقبلًا؟ توضح (باكير): “أي حالة تعليم للغة جديدة لا يمكن أن تكون مؤقتة بل على العكس، نحن بإدخال اللغة التركية إلى المناهج نضيف قطاعًا تعليميًا جديدًا على صعيد المناهج، ونعوض نقصًا قديمًا كان من المفترض استدراكه مبكرًا.”
وختمت بأن المنهاج كتجربة أولى متقدم ومتطور، حيث لوحظ ارتياح لافت بين الطلاب والمنهاج، خاصةً أن الكادر التدريسي المشرف على درجة ممتازة من الخبرة والأكاديمية في الإعطاء، بدليل المستويات الرفيعة والمعدلات المرتفعة التي حصّلها الطلبة في السنة الدراسية الأولى.”
التقينا بمدرِّسة اللغة التركية في مدرسة (فخر الدين باشا) ضمن مناطق عفرين (نائلة الحسن23 عامًا مُهجَّرة من (قلعة المضيق)، حيث أفادت بأن ” اللغة التركية أصبحت لغة مهمة جدًا إلى جانب اللغة الإنكليزية، فهي لا تقل أهمية عنها، ووجودها مهم في المناطق المحررة، خاصة أن تركيا هي الحليف الوحيد للثورة، ومن الضروري فهم لغتهم وتعلمها لسهولة التواصل.”
وأضافت: “لا أتوقع أن تكون التركية لغة مؤقتة، لاسيما أن العملة المتداولة الآن في المناطق التركية هي الليرة التركية، واللغة التركية اليوم أصحبت شرطًا للتوظيف في معظم المنظمات، بالإضافة إلى دخول اللغة التركية في المناهج الدراسية.”
وعن تقبل الطلاب والأهالي للغة التركية أجابت: “أدرِّس التركية للطلاب من الصف الأول حتى السادس، وجميع الطلاب عربًا وكردًا يحبونها ويتعلمون بسرعة، حتى الأهالي لديهم شغف لتعلمها.”
أما عن المنهاج المتبع فأجابت (الحسن): “ندرِّس المنهاج المعتمد من تربية (غصن الزيتون) التابعة لولاية هاتاي، وبالتالي هو منهاج تركي رسمي.”
وعن إمكانية تسبب اللغة التركية في التأثير على أهمية اللغة العربية، قالت: ” لا أعتقد ذلك، فالعربية هي اللغة الأم، وكمثال ليس ببعيد سكان لواء إسكندرون مايزالون يتكلمون العربية إلى جانب التركية.”
ما الأفضل لمستقبل الطالب السوري مع للغة التركية أم الانكليزية؟
عن هذا أجابنا (حمزة) مقيم في إسطنبول وأنهى الثانوية حديثًا بقوله: “اللغتان ذات أهمية مع اختلاف المرحلة، فمن يريد الانخراط بسوق العمل التركي والجامعات التركية عليه اتقان التركية، ومن يجيد الإنكليزية معها يتاح له المزيد من الفرص.”
يشار إلى أن تدخل القوى الإقليمية في سورية فرض نفسه على النواحي التعليمية، فكما نجد أن التركية أصبحت مطلبًا ملحًا للطلاب في المناطق المحررة، أيضًا الروسية والإيرانية لهما مكانتهما في مناطق سيطرة النظام.