علي سندة |
حوالي ثلاثة أشهر من القصف جعلت اتفاق سوتشي الموقَّع في أيلول الماضي طي النسيان من قِبل الموقعين عليه الذين صرحوا بذلك بداية التصعيد أواخر نيسان الماضي منذ ثلاثة أشهر تقريبًا، لتحل مكانه لغة الرصاص والقصف التي باتت تحكي حال المناطق التي تحترق كل حسب مقدرته على التعبير وأخلاقه وحدوده بالرد كالثوار، وبالإمعان بالقصف والإجرام كما يفعل النظام السوري وحليفته روسيا.
إرهاصات جولة آستانة 13 المزمع عقدها يوم 1 و2 من آب المقبل يمكن تقسيمها إلى قسمين هذه المرة: قَدري، لا يستطيع الأطراف ضبطه، واختياري يستطيعون ضبطه، أما القدري فربما هو مضحك نوعًا ما لكنه حدث بإصابة المبعوث الأممي (غير بيدرسون) يوم الثلاثاء 23 من هذا الشهر بحادث سير كما صرحت الأمم المتحدة، إذ كان من المقرر أن يحضر آستانة 13 لكنه ربما يتغيب لإصابته بعينه! وربما يتأخر تشكيل اللجنة الدستورية بعد التوصل إلى حل لأجل تشكيلها وبدء أعمالها كون بيدرسون مبعوثًا أمميًا إلى سورية.
وأما الاختياري فهو القصف الممنهج من قِبل طيران الأسد وبوتين خاصة في الأسبوع الأخير الذي ربما هو الأكثر دموية حتى الآن، هو اختياري لأنه الخيار المتبقي لدى الأسد وبوتين خاصة لحفظ ماء الوجه بعد فشل الحملة العسكرية على ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، فكان الخَيار بدك القرى والأرياف والانتقام بقتل النساء والأطفال والشيوخ وتدمير ما تبقى من البنى التحتية، وهو اختياري لعدم التوصل مع تركيا إلى صيغة حل تُوقف التصعيد بتحقيق نصر ولو بشكل وهمي يُسوَّق للحاضنة الموجودة لدى نظام الأسد خاصة بعد اتصالات واجتماعات عدة خلال الأشهر الثلاثة الماضية بين الجانبين، وهو رسالة في الوقت نفسه إلى من سيحضر آستانة 13 أن القادم على هذه الشاكلة من الإجرام وربما أشد فتكًا ورسالة خاصة من موسكو إلى أنقرة قُبيل القمة الثلاثية المزمع عقدها أواخر آب القادم. القف خلف دمارًا أتى على قرى بأكملها أو على أجزاء كبيرة منها، مثل كفرنبل وحاس وكفر زيتا ومعرة النعمان واللطامنة التي تعرضت لقصف جنوني أُحصي فيه 48 غارة جوية.. وغيرها، وخلف الدمار معه بالضرورة العشرات من المجاز خلال الأسبوع الفائت في أرياف حماة وإدلب، كاستشهاد ثلاثة في معرة النعمان واثنين في كفروما نتيجة القصف، و15 شهيدًا في إدلب وأريافها، و49 شهيدًا في معرة النعمان عندما استهدف السوق الشعبي فيها بأربع غارات، ومجزرة أريحا، كل ذلك وعيون الأمم المتحدة لا تريد أن تبصر وتوقف القتل والتدمير، إلا أنها أجَّلت جلسة الإحاطة لعينها في سورية بيدرسون لإصابة الأخير بعينه بفعل حادث سير والحقيقة هي مصابة بالعمى قبل الحادث، لكنها لم ترَ بالعين الأخرى ما يحدث من قصف وتدمير في أرياف حماة وإدلب وصورة الطفلتين في أريحا تحت السقف المنهار.
إن إرهاصات آستانة 13 طالت أيضًا مناطق النظام نفسه لكن الفاعل ليس الثوار الذين يردون بأخلاقهم أولاً قبل أسلحتهم المتواضعة أمام ترسانة الأسد العسكرية ومن ورائه روسيا، إنما الفاعل هو الأسد نفسه الذي عمد إلى قصف مناطقه لتغطية جرائمه الكبيرة في إدلب وتسوية الثوار معه بما يفعله وروسيا من قصف للمدنيين، فقصف الأسد أحياء مدينة حلب الغربية خاصة في الأسبوع الماضي وسقط ضحايا من المدنيين وأدَّى القصف إلى أضرار بالممتلكات، وغايته بذلك بث روح الطائفية وخطاب الكراهية والحقد بين السوريين الذين تحت سيطرته وبين السوريين الخارجين منها، وتسويقها إلى نفوس المقاتلين على الجبهات عنده خاصة لدى أبناء المصالحات للقتال عن عقيدة وتعبئة ملؤها الحقد.
تلك إرهاصات آستانة 13 والله أعلم بالمخرجات الظاهرة والباطنة وإن غدًا لناظره قريب.