بشرى اليوسف |
شهدت الفترة الأخيرة إقبالاً كبيرًا على تداول الكتب المستعملة في الشمال المحرر، من قِبل عدد كبير من المكاتب والقرَّاء بنسبة عادلت الكتب الجديدة.
وللتعرف أكثر عن سبب إقبال المكاتب على بيع الكتب المستعملة، (صحيفة حبر) التقت ( أيمن نبعة) المسؤول العام عن مكتبة (نقش)، حيث قال: “لجئنا للتعامل بالكتب القديمة لسعرها الرخيص في الدرجة الأولى، إضافة إلى كونها أفضل من الجديدة من ناحية طبعاتها المُحققَة المميزة والنادرة، ولرغبة القرَّاء بفتح ذلك المجال، فالبعض يقرأ الكتاب لمرة واحدة ولا يريد الاحتفاظ به، فيلجأ إلى بيعه واقتناء آخر لقراءته، والبعض أوضاعهم المادية لا تسمح لهم باقتناء الكتب، ومنهم من لديهم كتب لم يقرؤها وليس لديهم رغبة في قراءتها فيلجؤون إلى بيعها والاستفادة منها، ومن خلال هؤلاء نحصل على الكتب المستعملة ونضعها في المكتبة ونروج لها حتى يتم بيعها”.
وللكتب المستعملة، كما بين (نبعة)، قبول كبير لدى قسم كبير من القراء أكثر من الكتب الجديدة، حيث يأتي الكثير من الزبائن يبحثون أولاً عن الكتب المستعملة، وبعد ذلك يبحثون عن الكتب الجديدة.
أما عن رأي القراء فيما إذا كانوا يفضلون اقتناء الكتب المستعملة أم الجديدة صحيفة (حبر) التقت عددًا من القراء لمعرفة رأيهم.
(نور محمد) أكدت لنا أن سبب إقدامها على الكتب المستعملة لأن سعرها أقل من الكتب الجديدة، بفارق يصل إلى النصف، إضافة إلى أنَّ هنالك بعض الكتب نادرة وغير متوفرة بالمكتبات في ظروفنا الحالية.
وتأمل (نور) أن ينشط مجال الكتب المستعملة أكثر في المحرر، كما أكدت أن “عملية بيع وشراء الكتب المستعملة أتاح لها فرصة بيع كتب لم تعد بحاجتها واستبدلتها بكتب ترغب بقراءتها”.
(سلمان دياب) طالب أدب عربي، من هواة اقتناء الكتب المستعملة، أبدى رأيه في الموضوع قائلًا: ” الكتب المستعملة لها مكانة خاصة عند جمهور القرّاء، فعلاوةً على رُخصِ ثمنها قياسًا بالكتب الجديدة غير المتوفرة أصلاً، فهي تشتملُ على تعليقات من قُرّائها السابقين وبعض الشروح من أصحابها، وهذه تزيد من قيمة الكتاب الجمالية، وتُثري الجانب العلمي والثقافي”.
وأضاف (دياب): “كما أنني لا أُخفي حبّي الشديد لطبعات الخمسينات والستينات من القرن الماضي، من دور النشر المصرية واللبنانية والسورية، ففيها عبَق التراث وأنفاس الأجيال السابقة وتعليقاتهم النفيسة وإهداءاتهم الجميلة، وهذا يُضفي لمسةً من الروحانية على الكتاب تزيدهُ جمالاً إلى جماله”.
وأكد (سلمان) أن شراءه للكتب المستعملة موجود منذ سنوات، حيث قال: “كانت لي رحلة طويلة مع الكتب المستعملة منذ سنوات عديدة في مدينة حلب ومكتباتها وبسطات الكتب في ساحات المدينة”.
كما أوضح أن من جملة أسباب لجوء القرَّاء إلى اقتناء الكتب المستعملة هو ظروف الحرب، حيث قال: “الكتب المستعملة تبقى الخيارُ الأنسب للشباب القارئ الباحث عن المعلومة والمتعطّش للتراث والفائدة، في ظل ظروف الحرب وما يعيشه الشمال السوري عامة”.
وأردف (سلمان): “لكن بعض العناوين لا تتوفر إلا في نسختها الجديدة، كأن يكونَ زمنُ تأليفها حديثًا، وليس من السهل تأمين نُسَخٍ مستعملةٍ عنها، لذلك المسألة هنا نسبية إلى حدٍّ ما، وبإمكاننا أن نخلُص إلى نتيجة مقاربة:
كل ما يتعلّق بالتراث من كُتب التراجم والسِّيَر والتاريخ والأدب، أفضل فيه الكتب المستعملة، وكل ما يتعلق بالفنون المعاصرة وكتابات المعاصرين وبحوثهم فإنني أفضل الكتب الجديدة، والمسألة في أغلب الأحيان تتوقف عند المقدرة المادية للقارئ، فحتى الكتب المستعملة يختلف سعرها من مكتبة إلى أخرى، تبعًا لمعطيات معينة من اسم الدار الناشرة واسم المحقق والشارح.” وختامًا يقول (سلمان): “يجب ألَّا ننسى الربح المادي للمكتبة، الذي يضاف إلى قيمة السعر الذي يطلبه صاحب الكتاب، وكل ذلك سيتحمله القارئ النهم الذي لا ينهي حبه وشغفه للقراءة.”