أبرز الإعلام الإيراني نبأ الاحتفال بما يُسمى بيوم كورش الذي وصفته طهران بالعالمي، حيث احتشد الآلاف من الفرس للاحتفال باليوم الذي قالوا إنه يوافق غزو الملك كورش مؤسس السلالة الأخمينية لـ”بابل العظيمة”.
إيران كانت تحتفل بهذا الملك الفارسي سراً لكنها اليوم أقامت احتفالية غير رسمية و سمحت للجموع أن تتوافد للطواف بضريحه الكبير، وغضت الشرطة الإيرانية عن هذا الطقس الوثني للاحتفال بذكرى لغزو هذا الملك الفارسي لأرض بابل (العراق) واستيلائه على مملكة نبوخذ نصر الممتدة إلى فلسطين، والتي تقول التوراة إن كورش ملك فارس أصدر أمره بعودة بني إسرائيل لبلادهم سنة 536 قبل الميلاد وإعادة بناء الهيكل.
ففي عزرا 1:1 “هكذا قال كورش ملك فارس: جميع ممالك الأرض دفعها لي الرب إله السماء، وهو أوصاني أن أبني له بيتاً في أورشليم التي في يهوذا”، وتقول التوراة أيضاً “أني أعاقب ملك بابل، وتلك الأمة، يقول الرب، على إثمهم وأرض الكلدانيين (شمال العراق وسوريا الحالية)، وأجعلها خرباً أبدية”. [إرميا 25:12].
أما في الحاضر؛ فإن الطائفين بضريح كورش يقولون – بحسب وكالات الأنباء – : ” يقولون كل شيء بيد الله ولكن كل البلاء من العرب” و”نحن آريون لا نعبد ما يعبده العرب”.
أما في الأمس القريب؛ فقد قال وزير الاستخبارات الإيراني السابق، وأحد مستشاري الرئيس الإيراني، علي يونسي قبل عشرين شهراً إن “إيران اليوم أصبحت امبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي” [9/3/2015]، في إشارة إلى الامبراطورية الساسانية الفارسية التي كانت تحكم أرض فارس والعراق قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم .
“يوم كورش العالمي”، غير المصنف دولياً لا في الأمم المتحدة ولا اليونيسكو، تريد إيران اليوم من إعلانه والاحتفاء به تحقيق أكثر من هدف:
الأول: يخص اليهود، تجديداً للعهد معهم على الوفاء بإرث كورش الذي قيل إنه حرر بني إسرائيل من العبودية بعد السبي البابلي الذي قام به نبوخذ نصر لمدة سبعين عاماً، وهو العهد الذي لا ينساه الصهاينة اليوم بتحالفهم المستتر مع إيران، واحتفائهم بكورش نفسه الذي تسمي “إسرائيل” شارعاً فيها باسمه، وتبادله عرفاناً كونه تعهد ببناء الهيكل لهم.الثاني: تقديم صورة زائفة عن رعاية الفرس لحقوق الإنسان، بإحياء إسطوانة كورش التي قيل إنها تعهد من خلالها برعاية حقوق الإنسان والتي كتبت باللغة المسمارية، وينشر إعلام إيران صورة للرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد وهو يشاهدها أثناء زيارته لمتحف إيراني.الثالث: هو ربط الماضي البابلي بالحاضر العراقي والسوري، في أوج الإجرام الإيراني في البلدين المنكوبين بالاحتلال والعدوان الإيراني، لتبيان “مشروعية” هذا الإجرام تاريخياً باعتباره مواصلة لـ”الخراب الأبدي” الوارد بالتوراة على هذه “الأمة”، والتي لا يقدمها الفرس الآن للغرب على أنها ورثة قتلة الحسين رضي الله عنه، فذاك لا يمثل بضاعة رائجة للغرب والكيان الصهيوني، وإنما على أنهم أصحاب الإرث البابلي الذي استعبد الأمم كلها وبخاصة بنو إسرائيل.ولا يهم من بعد هذا أن الملك كان وثنياً كما تقول التوراة، فلدى قناة العالم مخرجاً لهذا؛ فقد جعلته هو “ذو القرنين”، ولا يهم أن عبادة الأضرحة والطواف حولها هو من طقوس المشركين؛ فلدى الإيرانيين مخرجاً لاعتباره “ولياً”! وليس مهماً أن في هذا احتفاء بإمبراطورية وثنية كانت تعبد النار؛ فتلك النار حاضرة دوماً في الثقافة الشيعية الفارسية، وليس مهماً أن الإسلام يعلو فوق القوميات، وأن القرآن قد نزل بلسان عربي مبين؛ فالمهم لدى إيران تجييش الفرس وإحياء قوميتهم وإيقاد نار ضغينتهم وحقدهم ضد العرب (المسلمين) الذين أطفأوا نيران المجوسية، الوجه الحقيقي لإيران الذي طالما أخفته خلف تشيعها؛ فحان اليوم وقت انكشافه واتضاح معالمه.