تقرير إخباريإعداد عمر عربريف حلب الجنوبي بات الآن في صدارة جبهات حلب اشتعالاً من ناحية سير المعارك واحتدامها ما بين الثوار وقوات النظام المصحوبة بالميليشيات الإيرانية والعراقية المساندة له، فما بين الكرِّ والفرِّ ومحاولة استنزاف كل طرف قوة الطرف الآخر وامتصاصها بغية التقدم لصالحه، كانت المعارك تدور على الأرض، وقد كانت كفَّة الميزان شبه راجحة بيد الثوار إلاَّ أنَّ التغطية الجوية الروسية قلبت الموازين ومهَّدت لقوات النظام التقدم على أرض الواقع، إضافة إلى القصف العنيف والمكثف بالمدفعية والصواريخ على مواقع الثوار ممَّا أجبرهم على الانسحاب، هذا وقد أسفرت تلك المعارك والتي استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة من تمكُّن قوات النظام من السيطرة على بلدتي الحاضر والعيس، ومزارع وتل العيس في ريف حلب الجنوبي، إضافة إلى عدة قرى مجاورة لها، وأطراف من قرية تل حدية، حيث كانت الحاضر والعيس هما المحور والوجهة الأساسية لقوات النظام لأهميتهما الاستراتيجية في الجنوب.هذا وقد مكنهم ذلك التقدم من رصدطريق دمشق حلب الدولي بعد السيطرة على معظم التلال في ريف حلب الجنوبي، ويرى ناشطون أنَّ هذا التقدم المتسارع لقوات النظام سيشكل خطراً كبيرا ليس على ريف حلب وحسب بل على ريف إدلب، وبالتالي فكُّ الحصار عن كفريا والفوعة، وإن تمكن النظام من السيطرة على كامل طريق دمشق حلب الدولي فإنَّه سيكون له عواقب وخيمة، ولن تكون في مصلحة الثوار على الأرض.وجاءت تلك التطورات والأحداث من حيث السيطرة والتقدم من قبل النظام وميلشياته بعد تمكنه من فكِّ حصار مطار كويرس العسكري، والذي تحول إلى قاعدة روسية وغرفة عمليات يتم فيها الرصد والتخطيط.ويعتبر تقدم النظام هو الأول من نوعه منذ بدء الحملة الجوية الروسية المساندة له مستغلين ضعف الإمكانيات لدى الثوار، حيث أفاد قائد غرفة عمليات ريف حلب الجنوبي أنَّ تقدم النظام وميليشياته لم يكن إلا بسبب التغطية الجوية الروسية المكثفة، حيث كانت الطائرات الروسية لا تفارق السماء، وتقوم بشنِّ نحو خمسين غارة جوية في الساعة مع إرفاق الغارات بقصف صاروخي ومئات القذائف، أي أنَّه اتباع لسياسة الأرض المحروقة، والتي لم يجد بديلا عنها أثناء خوضه المعارك، فمعاركه على الأرض لم تمكنه من التقدم كما هو الحال بمساندة الطيران الروسي.صحيح أنَّ قوات النظام قد سيطرت على أجزاء من ريف حلب الجنوبي، إلا أنَّ تلك السيطرة قد سبقها معارك ضارية ما بين الطرفين، وتمكَّن الثوار من خلالها تكبيد النظام خسائر فادحة في العتاد والأرواح وسقوط عدد من القادة البارزين في الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وجنسيات أخرى الأمر، الذي ربما يفسر تركيز النظام على تلك الجبهة وحضور قاسم سليماني بنفسه ليشرف على سير المعارك، إضافة إلى قيامهم بتدمير عدد من آليات النظام وقتل عناصر تابعة لهم وأسر أخرين.ومن ناحية أخرى فإنَّ جبهات حلب تختلف عن باقي المناطق، حيث يخوض الثوار معارك متعددة على أكثر من جبهة سواء في الجزء الشمالي أو الشرقي منها، وهذا بالفعل ما عمد إليه النظام وما أراد تحقيقه وهو تشتيت قوة الثوار وإضعافهم على أكثر من محور، بالتالي لا يتمكنون من صدِّ هجمات النظام المتتالية والتي تمهد بالقصف الجوي بداية.السيطرة على بلدتي العيس والحاضر اختصرت صورة وموقف الثوار على الأرض، وماهي الإمكانيات التي مازالت متاحة لهم، والتي بالمقابل اضرتهم لإعادة حسابتهم وتشكيل قوة موحدة على الأرض تخضع لغرفة عمليات عسكرية بعيدة عن الخلافات والنزاعات، وجعل هدف صدِّ تقدم النظام هو أهم الأولويات، وهذا ربَّما بالفعل الذي جعل جيش الفتح يعيد حساباته من جديد، وسوف يعود بقوة وتوحد أكثر من السابق على حسب قوله، ورافق ذلك إعلان حركة أحرار الشام النفير العام من أجل إنقاذ ريف حلب الجنوبي من تمدد قوات النظام أكثر من ذلك بل واستعادة ما خسروه من نقاط.في النهاية يجب على الثوار تدارك الوضع في أسرع وقت ممكن، فخسارة ريف حلب الجنوبي لا تعني التقدم فيه وحسب، بل يعني السيطرة على طريق الشام وفتح الطريق لفك الحصار عن كفريا والفوعة المحاصرتين، لكنَّ الثوار قالوا: إنَّ النظام لن يمر إلا على دمائهم.تقرير: عمر عرب