أم محمد وحيدة بين جدران منزلها بعد أن تركها أولادها الثلاثة وهاجروا إلى أوروبا مثل الكثير من سكان سوريا، تستيقظ هذه المرأة الوحيدة في كل صباح وتتوجه إلى إحدى الحدائق العامة وسط مدينة القامشلي/قامشلو شمال شرقي سوريا.أم محمد تبلغ من العمر حوالي 75 عاماً، وهي عربية الأصل تسكن في مدينة القامشلي، تحاول أن تضيّع وقتها الطويل وساعات اليوم التي لا تنتهي دون تفكيرها بأولادها، من خلال زيارة هذه الحديقة، لعل هذه الزيارات تنسيها أو تخفف الآلام التي أثقلت كاهلها..
كلما يسير شبان وشابات في الحديقة التي تزورها أم محمد بشكل يومي، تسير عيونها إثر خطاهم، وتشبِّه كل وجه شاب بأبنائها الشبان، فالمارة في الحديقة يبعثون السعادة ولو كانت قليلة في نفس أم محمد.
وحدها السجائر وقفت إلى جانب أم محمد في أفراحها وأتراحها، فهي تشرب سيجارة PINE وهي الصديقة الوحيدة لها، ولا تستطيع الاستغناء عنها.
أم محمد تجلس على كرسي حديدي في تلك الحديقة لساعات طوال، تبحلق في وجوه المارة، تسير تارةً وتجلس تارةً أخرى، تبقى عيونها منتظرة رؤية أحد أولادها عبثاً…
حال أم محمد لا يختلف عن حال أقرانها من نساء سوريا، فكل أم سورية إما فقدت أحد أبنائها في الثورة السورية وأصبحت ثكلى… أو هاجر أولادها إلى خارج سوريا وبقيت كأم محمد وحيدة تنتظر اللاشيء…
تصوير: عكيد جولي
مكان التقاط الصورة: حديقة الكندي-القامشلي