رنا الحلبي
لم تكن المرة الأولى التي يُستخدم بها السلاح الكيماوي والقنابل العنقودية في سوريا، فها هو نظام الطاغية بعد خسارته على الجبهات، وفشله في المواجهة على أرض المعركة، يتجه نحو المدنيين العُزّل ليشدد قصفه ووحشيته وبسلاحٍ محرّم دولياً وعالمياً، ولا يستخدم حتى في الجبهات، ويوجه هذا السلاح على شعب مدنيّ جُلّه من الأطفال والنساء.
حول موضوع القصف الكيماوي والقنابل العنقودية التي تتعرض لها مدن ومحافظات سوريا، وبالتحديد مدينة حلب التقت صحيفة حبر مع السيدة ” ثورة الناصر” المحاضِرة في التوعية والتأهيل وطرق حماية المدنيين أثناء القصف.
حيث حدثتنا عن مادة الفسفور الأبيض التي تحمل رائحة الثوم الفاسد والتي تترسب في الأتربة وقاع البحار والأماكن الرطبة، هذه المادة تكون شمعية ذات لون أبيض مائل للاصفرار والتي تتفاعل مع الاكسجين عبر امتزاجها به، ومن أنواع السلاح الكيماوي أيضاً مادة النابالم الذي يعمل بنفس التأثير حيث يتعرض الجلد واللحم المصاب للاحتراق حتى الوصول للعظم.
وتحدثت السيدة ثورة عن الكلور الكيماوي (غاز الأعصاب NA) الذي لا يحتوي على أي لون أو رائحة كغاز السارين والتابون والسومان كما ذكرت أعراض الإصابة وذلك بدمع العيون وسيلان الأنف وخروج الزبد من الفم والتعرق الشديد وضعف التنفس، وفي حال اشتدت الإصابة تؤدي إلى ألم البطن والتقيّؤ والإسهال والاختناق.
وتوجهنا بسؤال إلى السيدة ثورة عن كيفية التعامل مع الشخص المصاب، فأجابت: “علينا أولاً إغلاق النوافذ بإحكام والتوجه لغرف داخلية ووضع كمامات قطنية مبللة بالماء على الأنف لعدم تفاعل هذه المواد مع الأكسجين، وعندما تكون الإصابة بالغة يجب قص ملابس المصاب وخلعها من أعلى لأسفل، ورش جسمه ببودرة الأطفال وتركها على الجلد لمدة (30 ثانية)، ثم مسحها بلطف والاستحمام بالماء الجاري والصابون مع الحذر لعدم فرك الجسم بعنف”.
أما عن القنابل العنقودية فأضافت بدورها: “هي صواريخ تقذف بشكل دائري وتفتح أسطوانة تحتوي مئات القنابل، ويكون خطر هذه الأسلحة كونها تعتبر من مخلفات الحرب أي أنَّها تستمر لمدة طويلة حتى بعد الانفجار تاركة أثراً أكبر للانفجار والانتشار والاستمرارية”.
وأوصت خبيرة حملات التوعية بضرورة التوجه للطوابق العلوية عند التعرض لقصف كيماوي على عكس التعرض للقنابل العنقودية الذي يتوجب الهبوط للطوابق السفلية، فغاز الكلور ومادة الفسفور أثقل من الهواء أما العنقودي فتتعرض له الطوابق العلوية لأنَّ قصفه يكون عبر الطائرات. ونوّهت لعدم لمس الأجسام الغريبة في أي مكان تعرض للقصف.
وفي نهاية اللقاء أوضحت السيدة ثورة أنَّ الفئة المستهدفة خلال حملات التوعية هي كافة النساء، وطلاب المدارس، والكوادر التعليمية. على فترة يوم واحد خلال مدة ساعة لمحاضرة طرق الحماية المدنية أثناء القصف، ومدة ثلاث ساعات لمحاضرة موسّعة عن القنابل العنقودية والأسلحة الكيماوية.
مؤكدة أنَّ معظم الصعوبات التي تواجه هذه الحملة هي اختلاف مستوى الثقافة لدى المتلقّين وعدم الوعي(الجهل).
إنَّ هذه الحملات ضرورية جداً في وقتنا الراهن الذي نتعرض فيه لقصف من نوع ساحق يفتك بالشعب، لتزيد من نسبة ارتفاع الوعي لدى القاطنين في هذه المناطق، الذي ينعكس إيجاباً على كيفية التعامل معها أثناء حدوثها وبالتالي انخفاض عدد المؤهلين للإصابات إذا ما اتخذت كل التدابير اللازمة للوقاية منها، فيتحول المتعرّض للقصف بهذه الأسلحة من مجرد منفعل سلبي إلى فاعل إيجابي، ويكون بمقدرته تلافي أكبر قدر ممكن من الضرر الذي يمكن أن يلحق به.